واصل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون زياراته الخارجية وأجرى أمس محادثات رسمية في القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تناولت الوضع في لبنان والمنطقة، ودعا خلالها عون “المُجْتَمَعَ الدُّوَلِيَّ إِلَى تَحَمُلٍ مَسْؤُولِيَّاتِهِ، فِي إِلْزَامِ إِسْرَائيلَ بِتَنْفِيذِ اتفاق وقف إطلاق النار”.
وأكدت مصادر سياسية لـ «نداء الوطن» أن زيارة عون إلى القاهرة مهمة نظراً لما تمتلك مصر من قوة معنوية في العالم العربي، وهذه الزيارة تؤكد عودة لبنان إلى الحضن العربي بعد طول انقطاع.
وأشارت إلى أن اللقاء بين عون والسيسي كان إيجابياً، والأهم هو ما تم تداوله بشأن المنطقة وإلى أين ستذهب، ووضعية لبنان في التركيبة الجديدة. ولفتت المصادر إلى أن عون الذي أكد التزام لبنان الخط العربي واحترام القرارات الدولية يحجز للبنان مقعداً في الشرق الجديد حيث أن سياسته واضحة وهي نسج أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج ومصر وبقية الدول العربية، وبالتالي يريد إعادة لبنان إلى الخريطة العربية.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان البحث في ملف السلاح يفترض ان يشهد تفعيلا مع العلم ان لا معطيات واضحة عن الأشواط التي قطعها هذا الملف او التوقيت وهذه مسألة متروكة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي عاد من مصر ليستأنف لقاءاته والابرز مع الرئيس الفلسطيني غداً الاربعاء.
وكتبت” الديار”: اختتم الرئيس جوزاف عون زيارته الى القاهرة بالامس، في ظل اجواء اقليمية متوترة، وفي ظل محاولة من بعض القوى الاقليمية لتهميش دور مصر عن الملفات الاساسية في المنطقة، وهو ما تظهّر خلال قمة بغداد العربية، حيث غاب عدد كبير من قادة الدول المؤثرة على الرغم من الاتفاق المسبق مع الرئيس السيسي على حضورها.
ووفق مصادر ديبلوماسية، لم تكن القاهرة مرتاحة لتجاهل الرئيس الاميركي دونالد ترامب زيارتها خلال جولته الخليجية، علما انه تم الغاء حضوره للقمة الخليجية مع ترامب دون اسباب موجبة.
لا تبدو القاهرة مطمئنة الى السياق العام للاحداث في المنطقة، وهو ما تبلغه الرئيس عون، خصوصا ان التفلت «الاسرائيلي» يبدو دون «كوابح»، في ظل «ضوء اخضر «اميركي غير معروفة حدوده، ولهذا تبدو مصر قلقة ازاء المرحلة المقبلة في ظل اصرار على استمرار محاصرة لبنان اقتصاديا، لدفعه الى خيارات تبدو صعبة وتهدد الاستقرار الداخلي. ولهذا سمع الرئيس عون دعما لمواقفه وتشجيعا على حكمته، في التعامل مع الملفات الشائكة بما فيه ملف سلاح حزب الله، حيث لا تؤيد القاهرة سياسية الضغوط القصوى على العهد، كما انها تدعو الى التعامل بالحكمة ذاتها مع ملف السلاح الفلسطيني، كيلا تتحول المخيمات الى «لغم» قد ينفجر في وجه الجميع.
وقال الرئيس عون في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري: “الاستقرارُ الثابت، لا يقومُ إلا على سلامِ دائم والسلامُ الدائم، لا يُبنى إلا على العدالة والعدالة لها تعريف واحدٌ وحيد: ألا وهو إعطاءُ كلِ الحقوق، لكلِ أصحابها. وهذا ما أقرته الدولُ العربية في مبادرةٍ بيروتَ للسلام سنة 2002 وهذا ما نتطلعُ إلى تجسيده في أقربِ وقت”. وأكد “أنّ لبنانَ، كلَ لبنان، لا يمكنُه أن يكونَ خارجَ معادلةٍ كهذه وأنْ لا مصلحةً لأي لبناني، ولا مصلحة لأي بلدٍ وشعب في منطقتنا، في أن يستثنيَ نفسَه من مسارٍ سلامٍ شاملٍ عادل”. وتابع: “سلامٌ يبدأُ بالنسبةِ إلينا، بتأكيدِ التزامِ لُبْنَانَ الكَامِلِ بِالقَرَارِ الدُّوَلِيِّ 1701، للحِفَاظِ عَلَى سِيَادَةِ لُبْنَانَ وَوَحْدَةِ أَرَاضِيهِ مع تشديدنا على أَهمِيَّةِ دَوْرِ القُوَّاتِ الدُّوَلِيَّةِ (اليُونِيفِيل) وضرورةٍ وَقْفِ الأَعْمَالِ العَدَائِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ بِهَا إِسْرَائِيل وَالعودةِ إلى أحكامِ اتفاقيةِ الهدنة للعام 1949، بما يَضْمَنُ عَوْدَةَ الاسْتِقْرَارِ وَالأَمْنِ إِلَى الجَنُوبِ الُّلبْنَانِيّ وَالمِنْطَقَةِ كَلِها، لذلك ندعو المُجْتَمَعَ الدُّوَلِيَّ إِلَى تَحَمُلٍ مَسْؤُولِيَّاتِهِ، فِي إِلْزَامِ إِسْرَانِيلَ بِتَنْفِيذِ الاِتِّفَاقِ الَّذِي تَمّ التَّوَصُلُ إِلَيْهِ بِرِعايَةٍ أَمِيرِكِيَّةٍ وَفَرَنْسِيَّة، وَالإنْسِحَابِ مِنَ كاملِ الأراضي اللبنانية، حتى حدودنا الدولية المعترفِ بها والمرسّمة دولياً. وَإِعَادَةِ الأَسْرَى اللُّبْنَانِيِّينَ كافة. كما نؤكدُ أَنَّ لُبْنَانَ يَحْرِصُ عَلَى قيامِ أَفْضَلِ العَلَاقَاتِ مَعَ الجارةِ سورِيا، وعَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّنْسِيقِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ البَلَدَيْنِ لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِيَاتِ المُشْتَرَكَةٍ. وَخَاصَّةً فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَفِ النَّازِحِينَ السُّورِيّينَ، وَضَرُورَةِ تَأْمِينِ عَوْدَتِهِمُ الآمِنَةِ وَالكَرِيمَةِ إِلَى بِلَادِهِمْ”.
من جهته، قال السيسي: “شددت على موقف مصر الثابت فى دعم لبنان، سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلى، أو صون سيادته الكاملة ورفضنا القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة، ضد الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها”. وأعلن أن “مصر تواصل مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل نحو انسحاب فوري وغير مشروط، من كامل الأراضي اللبنانية واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن، لقرار مجلس الأمن رقم 1701 دون انتقائية بما يضمن تمكين الدولة اللبنانية، من بسط سيادتها على أراضيها وتعزيز دور الجيش اللبناني، فى فرض نفوذه جنوب نهر الليطاني”.
وفي حديث إلى قناة ON TV تزامناً مع اختتام القمة التي عقدها في القاهرة مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي سئل الرئيس عون عن علاقته بـ «حزب الله»، فأوضح أنه موجود في البرلمان ويمثل شريحة من اللبنانيين، وعلاقته معه موجودة ولكن بطريقة غير مباشرة». وأضاف: «كرئيس للجمهورية يجب أن تكون لي علاقات مع جميع اللبنانيين، ولكن خصوصية الوضع الأمني لـ «حزب الله»، لا تسمح لمسؤوليه بالتحرك، لذلك هناك رسائل بيننا من خلال أشخاص معينين».
وعما إذا كان «الحزب» يقبل أن يصبح مكوناً من المكونات اللبنانية من دون مقاومة وسلاح، قال: «أتصور ليس لديهم خيار آخر. هم موجودون ويمثلون شريحة لبنانية، ومن حقهم أن يشاركوا في المعترك السياسي، ولكن حصرية السلاح يجب أن تكون بيد الدولة، وكذلك قرار السلم والحرب. يجب أن يقتنعوا أن الدولة هي التي تحمي الجميع، ووحدة اللبنانيين تحميهم». واستطرد الرئيس عون قائلاً: «إن حصرية السلاح تنطبق أيضاً على السلاح غير اللبناني، أي السلاح الفلسطيني في المخيمات»، متسائلاً: هل يستطيع هذا السلاح أن يحرر فلسطين، أم أنه يستعمل فقط للتقاتل الفلسطيني – الفلسطيني أو الفلسطيني – اللبناني؟ وأكد أن الشعب الفلسطيني تعب من هذا الموضوع، وكذلك الشعب اللبناني، وأنه ينتظر زيارة الرئيس الفلسطيني (الذي يصل غداً إلى لبنان) للبحث في هذا الموضوع، حيث سيتم التركيز في المرحلة الأولى على معالجة مسألة السلاح الثقيل في المخيمات، وسأل: «ماذا قدم السلاح الفلسطيني في لبنان من أجل تحرير فلسطين؟».
وعن مواقف الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم التصعيدية في ما خص سلاح «الحزب» أكد الرئيس عون أنه (قاسم) «يقوم بإرسال رسائل إلى «حزب الله»، وربما ما يخرج إلى الإعلام من قبلهم موجه إلى جمهورهم، ولكن بالنسبة لي القرار قد اتخذ، وفي المطلق لا تحمينا إلا الدولة اللبنانية، ويجب أن يقتنعوا بذلك، وفي تقديري، لقد بدأوا يقتنعون».