المعركة على النواب الشيعة؟

29 مايو 2025
المعركة على النواب الشيعة؟


تشهد الساحة السياسية اللبنانية تحركات متصاعدة في صفوف قوى المعارضة، في محاولة لإحداث خرق نوعي في أحد المقاعد الشيعية خلال الانتخابات النيابية المقبلة. هذا المسعى لا يُعتبر جديداً من حيث الرغبة، لكنه بدأ يأخذ طابعاً أكثر جدية وتنظيماً من خلال محورين أساسيين:الأول يتمثل في تكتيل المعارضة الشيعية وكودرتها ضمن إطار سياسي واضح. وتسعى هذه القوى إلى فرض حضور إعلامي واسع للمعارضة الشيعية، خصوصاً عبر المنابر الإعلامية التي تناهض حزب الله، وذلك بهدف إعطائها شرعية ووزناً يتجاوز حجمها الواقعي في الشارع الشيعي.أما المحور الثاني، فهو سياسي الطابع، ويتمحور حول الدفع بفكرة استكمال سيطرة معارضي حزب الله على المؤسسات الدستورية، ما يفتح باب التلميح إلى معركة محتملة على رئاسة مجلس النواب، وهي خطوة رمزية كبرى تعكس تحدياً مباشراً وغير مسبوق منذ العام 1992.

لكن بالرغم من هذه الجهود، تبدو الصورة الانتخابية أكثر تعقيداً. فالوقائع تشير إلى أن المعارضة الشيعية لن تتمكن من تحقيق أي تفوق عددي داخل البيئة الشيعية، بل من المرجح أن تخسر جزءاً من الأصوات التي حصدتها في انتخابات 2022، حيث كانت الاستفادة من مزاج احتجاجي أوسع يشمل مختلف الطوائف. هذا التراجع المتوقع يدفع قوى المعارضة إلى التفكير بخيارات بديلة، أبرزها تحصيل دعم انتخابي عابر للطوائف.

هنا، يبرز الخيار الأكثر حساسية: أن تمنح أصوات غير شيعية لمرشحين شيعة معارضين لحزب الله وحركة أمل. نجاح هذا السيناريو يتطلب أولاً قبول هؤلاء المرشحين بالفوز من خارج بيئتهم الطائفية، وتالياً استعداد بعض القوى، لا سيما المسيحية منها كالقوات اللبنانية، للتخلي عن مقاعد مسيحية لصالح هذه المعارضة.

السؤال البديهي هنا: هل تقبل القوات اللبنانية مثلاً بأن تعطي اصواتها لصالح شخصية شيعية معارضة للحزب، مقابل خسارتها مقعداً نيابياً لقواتي مسيحي؟ منطقياً، هذا النوع من المعارك الانتخابية يحمل مخاطرة كبيرة، إذ أنه قد يؤدي إلى تمكين الحزب من اختراقات مسيحية في مقابل خسارته المحدودة داخل طائفته، ما يعني عملياً تبادلاً غير متوازن.

يبدو أن خوض معركة داخل البيئة الشيعية من خارجها لن يكون سهلاً، بل يتطلب أولاً إعادة نظر شاملة بالتحالفات، وبالمعادلات الطائفية والسياسية التي تحكم العملية الانتخابية اللبنانية.