عاد بعض المشهد الداخلي إلى واجهة الأولويات من خلال ملف التعيينات التي أصدر مجلس الوزراء دفعة جديدة منها في مجلس الإنماء والإعمار ووزارة المال، وتجاوز مطب الجدل الذي أثير حولها أخيراً. وبدا واضحاً أن بتّ الدفعة الأخيرة من التعيينات جاء ليستكمل التعيينات الأكثر إلحاحاً، والتي تشكل مطالب معروفة للدول والمؤسسات الدولية المعنية بالرقابة على إجراءات الحكم والحكومة الإصلاحية، وهو أمر سيكون له حيّز أساسي أيضاً مرتقب في الزيارة المقبلة المنتظرة لنائبة الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس لبيروت في وقت قريب كانت مهّدت له علناً بحديثها عن ملف الإصلاح الملازم لملف بسط سلطة الدولة ونزع السلاح غير الشرعي.
وتشير المعطيات المتوافرة ل” النهار” في هذا السياق إلى أن وتيرة الورشة الإدارية الداخلية واستكمال بقية التعيينات لا سيما منها التعيينات الديبلوماسية، ستتخذ طابعاً أكثر حيوية للتعجيل بإنجازها وأن معظم التعيينات يجري وضع مساراتها على سكة الآلية المقررة، وثمة اتجاه ثابت لدى رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لإقفال كل ثغرة محتملة من شأنها التسبّب باهتزاز الرهانات على نجاح الدولة في المضي قدماً في استكمال مسار ملء الشواغر ضمن الاتجاهات الإصلاحية وهو مسار يوازي تماماً مسار بسط سيادة الدولة وسحب كل سلاح خارج سلطتها.
واعتبرت مصادر نيابية ل”الديار” ان التعيينات كانت مجددا محاصصة لكنها مقنعة هذه المرة، حيث عقدت الحكومة جلسات ماراتونية لاقرار ما اتفق عليه بين الرؤساء الثلاثة. والواضح ان التعيينات تحصل على نحو بطيء، والانجازات المحققة لا تزال دون المطلوب، فلا تعيينات للهيئة الناظمة للكهرباء، ولا لمجلس ادارة كهرباء لبنان. ويبدو ان رئيس الحكومة مشغول بملف السلاح ويترك الملفات الاصلاحية التي تسير «كالسلحفاة».
وكتبت” الشرق الاوسط” ان التعيينات المجلس هي شرط أساسي للبنك الدولي للإفراج عن قرض طارئ بقيمة 250 مليون دولار، بحيث يُنتظر من التشكيلة الجديدة أن تضطلع بمهمة تنسيق مشاريع الإعمار، بالشراكة مع جهات دولية، في ظل أوضاع مالية وإدارية شديدة التعقيد.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان مجلس الوزراء مرَّر التعيينات التي يراها ضرورية وملحَّة ووصفت نقاشاتها بالتقنية وتمحورت المداولات بالشق الإداري المطوَّل.
ولفتت الى ان ما من تحفظات سجلت انما كان التركيز على مسألة الشفافية في التعيينات، ولاحظت ارتياح رئيس الجمهورية للأصداء الخارجية بشأن عمل الحكومة وهو ما عكسه في مداخلته في مجلس الوزراء.
الى ذلك فُهم ان مجلس الوزراء سيدرج في كل جلسة ملف التعيين لاسيما اذا تم إنجازها وفق آلية التعيين.
وكان مجلس الوزراء اصدر أمس تعيينات مختلفة شملت نائبين لرئيس مجلس الإنماء والإعمار، والأمين العام، ومفوّض الحكومة، ومدير عام مؤسسة أوجيرو للاتصالات، فتم تعيين جورج معراوي مديراً عاماً للمال بعدما كان يتولى المنصب بالتكليف، واستكمل تعيينات مجلس الانماء والاعمار، وعيّن يوسف كرم وابراهيم شحرور نائبين لرئيس مجلس الإنماء والإعمار وغسان خير الله أميناً عاماً وحسام عيتاني، جورجيو كلاس وفراس أبو دياب أعضاء غير متفرغين. وعيّن أحمد عويدات مديرًا عامًا لأوجيرو.
كما أقرّ المجلس البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين (14 مليوناً) لمن هم في الخدمة، و(12 مليوناً) للمتقاعدين، على أن يعمل به بدءًا من أول تموز.
وكتبت” نداء الوطن”: لفتت مصادر مواكبة لملف التعيينات إلى أن الحكومة قد أقدمت أمس على إعادة تدوير تركيبة مجلس الإنماء والإعمار، حيث عيّنت غسان خيرالله، الذي تقاعد حديثاً من المجلس، أميناً عاماً له. كما تم تعيين كل من يوسف كرم وإبراهيم شحرور، وهما موظفان حاليان في المجلس، في منصبَي نائبَي الرئيس.
أضافت المصادر، إن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول نهج التجديد في المؤسسات العامة، في ظل استمرار اعتماد الأسماء نفسها ضمن دوائر القرار، حتى بعد التقاعد.
وكتبت” الاخبار”: شكّلت آليّة التعيينات الإدارية مجدّداً دعسة ناقصة في مفهوم إدارة الدولة، إذ قالت مصادر وزارية أن «الأسماء التي جرى تعيينها لم ترسل سابقاً الى الجهات المعنية لدراستها، ولم يكن هناك أي التزام بالآلية المفترض أن مجلس الوزراء قد أقرّها لتكريس مبدأ الشفافية، فما حصل كان عملية تثبيت لأسماء حصل توافق سياسي حولها خارج الحكومة».
ولم يقتصر الأمر على تعيينات مجلس الإنماء والإعمار، فحتى تعيين معراوي كمدير أصيل جرى من دون شروحات وافية. وقالت مصادر وزارية إن «هذه الأسماء وصلت إلينا أولاً عبرَ تسريبات إعلامية سبقت جلسة الحكومة، ثم صدّقنا عليها ليس إلا». وقد شمل جدول الأعمال أيضاً طلب تطويع 36 تلميذاً ضابطاً لصالح المديريّة العامّة لأمن الدولة والمديرية العامة للأمن العام، إلى جانب طلبات توقيع اتّفاقات دوليّة، وإدخال تعديلات على بعض المواد القانونيّة، وإقرار مراسيم مالية، وقبول هبات، وبنود إداريّة وإجرائيّة أخرى.
ولا يزال ملف التعيينات مفتوحاً، وينتظر التوافق حول بعض المواقع الشاغرة أو التي انتهت ولاية المسؤولين فيها، إذ لا يزال أمر البتّ بهم عالقاً بالسياسة، وحكماً لا يخضع لآلية التعيينات.
ومن بينها التعيينات
المتعلّقة بنواب الحاكم، الذي يميل رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الإبقاء عليهم، حيث إنهم «أبلوا بلاء حسناً في فترة الأزمة المالية والاقتصادية»، بينما يفضّل رئيس الجمهورية تغييرهم.
أما في ما يتعلّق بلجنة الرقابة على المصارف فتتّجه السلطة إلى تعيينات جديدة. هذا بالإضافة إلى تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان، حيث تستمر النقاشات بين اللجنة المعنية وبين وزير الإعلام بول مرقص الذي يرفض ترشيح من لا يعتقد أنهم يناسبون المنصب والدور، ما عدّه أحد المسؤولين في اللّجنة بأنه تجاوز لعملها وتدخل يبطل الهدف من قيامها.