لا تنشغلوا بالحرب عن سلاح الحزب

17 يونيو 2025
لا تنشغلوا بالحرب عن سلاح الحزب


يصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، إلى بيروت اليوم في زيارة تستمر نحو أسبوع، قبل نحو شهرين من موعد التجديد لقوات «اليونيفل» العاملة في الجنوب. وقد فرض اندلاع المواجهة بين إيران واسرائيل تعديلات جوهرية على أجندة الزيارة، شكلاً ومضموناً.

وكتبت” الاخبار”: في الشكل، كان مُنتظراً قيام لاكروا بجولة ميدانية على بعض المواقع الحدودية، ككفركلا وتلة الحمامص واللبونة، في أول زيارة من نوعها بعد وقف إطلاق النار. إلا أن عبور الصواريخ الإيرانية فوق الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة دفع المعنيين إلى إعادة النظر في هذه الجولة، مرجّحين اختصارها بزيارتين لمقر «اليونيفل» في الناقورة وثكنة الجيش اللبناني في صور.
أما في المضمون، فتتمحور مهمة لاكروا حول طمأنة الأوساط المحلية والدولية بأن التصعيد بين طهران وتل أبيب لن يجرّ لبنان إلى مواجهة مفتوحة، في وقت تُطرح فيه تساؤلات جدية عن مصير الجبهة الجنوبية في ظل تصاعد التوتر الإقليمي.
ميدانياً، لفت مصدر مطّلع على تطورات الوضع الحدودي إلى أن التصعيد في فلسطين المحتلة لم يترك أثراً مباشراً على جبهة الجنوب اللبناني. فرغم ما نقلته وسائل إعلام العدو عن إرسال أربعة ألوية من جيش الاحتلال إلى الحدود مع لبنان، أكّدت المصادر العسكرية اللبنانية أنه لم تُسجّل تحرّكات غير اعتيادية لجهة التعزيزات أو التحصينات.
وبحسب المصدر، فإن حال استنفار سُجّلت منذ فجر الجمعة، مع بداية المواجهة بين إيران وإسرائيل، قبل أن تعود وحدات العدو إلى وتيرتها الروتينية. فيما سُجّل أمس عبور عدد من جنود الاحتلال إلى ضفة نهر الوزاني للسباحة قبالة المنتزهات السياحية اللبنانية.
لا تمتلك «اليونيفل»، ولا الدول الكبرى المشاركة فيها، صورة واضحة عن نوايا العدو الإسرائيلي إزاء توسيع نطاق الحرب باتجاه الجبهة اللبنانية. فالمعطيات المتوفّرة لدى هذه الأطراف لا تتجاوز حدود المتابعة الحذرة والتقديرات المتغيّرة، ما يضعها أمام مجموعة سيناريوهات تتعامل معها كـ«متلقٍّ سلبي».
وبحسب مصادر متابعة، فإن أحد أخطر السيناريوهات المطروحة يتمثّل في «مقايضة أميركية» تضمن بموجبها واشنطن تحييد لبنان عن النزاع، مقابل التزام الحكومة اللبنانية بتفكيك سلاح حزب الله خلال فترة زمنية محدّدة.
في مقابل سيناريو يتحدّث عن احتمال إقدام العدو الإسرائيلي على استغلال اشتباكه مع إيران لتصفية حسابه مع الحزب، عبر تنفيذ اجتياح بري يشمل المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، وقد يمتدّ ليصل إلى نهر الأولي، في محاولة لربط الجبهة الجنوبية بجبهة الجولان، وصولاً إلى منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري – الأردني – العراقي.
وفي حال طالت المواجهة، تبرز مخاوف من سيناريو ثالث لا يقل خطورة، يقوم على افتعال توترات أمنية داخلية أو إشعال فتنة طائفية، عبر تحريك مجموعات متشدّدة انطلاقاً من الحدود الشرقية مع سوريا
وفي سياق متصل، تحدثت أوساط دبلوماسية غربية لـ “نداء الوطن” فلفتت إلى أنها من خلال اتصالاتها اللبنانية تبين لها وجود مقاربتين: الأولى، تدعو إلى اعتماد سياسة التجميد، والمقاربة الثانية تركز على تسريع الحسم السيادي. 
بالنسبة لمقاربة التجميد تضيف الأوساط: “هذه المقاربة تدعو إلى تجميد كل الملفات السيادية (سلاح “حزب الله”، السلاح الفلسطيني، ملف النزوح السوري…)، بحجة أن المنطقة دخلت مرحلة حرب مفتوحة مع إسرائيل” . ويدعو منطق أصحاب هذه المقاربة إلى انتظار ما ستؤول إليه الحرب الدائرة والصفقات المحتملة التي ستنتهي إليها. ويتمحور رهان أصحاب مقاربة التجميد حول الآتي: إما تسوية دولية تُنهي الملفات، أو حرب كبرى تفرض واقعاً جديداً يُنهي سلاح “الحزب والفصائل”.

تتابع الأوساط الدبلوماسية الغربية فتشير إلى أن المقاربة الثانية التي تنطلق من تسريع الحسم السيادي، ترى “أن الحرب الحالية فرصة يجب استثمارها لتسريع استعادة الدولة سيادتها”. أضافت “إن سلاح “حزب الله” والسلاح الفلسطيني ما زالا قابلَين للاستخدام عند الحاجة من قبل إيران، و”الحزب” قد يُزَجّ في أي لحظة”. وتدعو هذه المقاربة إلى “عدم انتظار الخارج، بل استكمال “الروزنامة السيادية” داخلياً”. وحذرت من أن تجميد الملفات “يعطي انطباعاً خاطئاً بانتصار فريق الممانعة”. 
وتخلص الأوساط للدعوة إلى “استثمار اللحظة (المومنتوم) كما تم استثمار سقوط النظام السوري سابقاً، والآن الحرب على إيران، للضغط نحو استعادة الدولة سلطتها واحتكارها السلاح”. وقالت “إن التراخي الآن هو تفويت لفرصة تاريخية لإعادة الاعتبار لسيادة الدولة، ويجب المضي قدماً من دون ربط المسار الداخلي بالتحولات الإقليمية التي قد تنتهي من دون تغيير حقيقي في الداخل اللبناني”.