كتبت روزانا بو منصف في” النهار”: قد يحمل دعما معنويا ل”حزب الله” أن يثار على المستوى الإعلامي والسياسي احتمال انخراطه في الحرب على إسرائيل مساندة لإيران، والحض الديبلوماسي من خارج لأهل السلطة في لبنان، للتنبه لذلك، وعدم إعطاء إسرائيل فرصة تدمير لبنان، انطلاقا من أنه رغم إضعافه بالحرب الأخيرة لا يزال يحسب له حساب، بغض النظر عن مآلات تدخله في حال حصول ذلك.
ليس خافيا أن ثمة قلقا يسري على مستويات عدة من احتمال طلب إيران من الحزب تشغيل صواريخه من ضمن عرضه لما يملك من أوراق وإظهار تشدد إيراني في نزع سلاح الحزب وحتمية المحافظة عليه وليس العكس.
والحال أن متابعة المواقف المعلنة للحزب من الحرب بين إسرائيل وإيران أوضحت جلوسه في موقع المراقب والمدين والداعم لطهران في الوقت نفسه، حتى ما قبل اليومين الأخيرين حين أعادت طهران التلويح بتحريك الحزب إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب. ولكن حتى في هذه الحال، ثمة علامات استفهام كبيرة يثيرها مراقبون حول اتجاه انتحاري للحزب يطيح ما تبقى من مقدراته التي يسعى من خلالها إلى المحافظة على قوة حيثية الشيعية السياسية في الداخل، بالإضافة إلى مخاطرته المؤكدة بتدمير لبنان ومنع قيامته لعشرات السنين المقبلة.
ولا تزال إسرائيل تضع الحزب في دائرة اهتماماتها باستهداف عناصره كما حصل أخيرا، وإعلان الجيش أن “لدينا أهدافا كثيرة في إيران ولن نتوقف، وسنلاحق أذرعها في لبنان”. فيما لن يؤمن تدخل أذرع إيران في المنطقة حمايتها، ولن يُعيد إليها اليد العليا في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، أو يعيد هيمنتها الإقليمية، لكنه من المرجح أن يلقي على عاتق هؤلاء تكاليف باهظة سواء في لبنان أو العراق أو اليمن.
وتؤكد معلومات أن إيران، متى جلست إلى طاولة التفاوض، ستتحتم عليها تنازلات كبيرة في ثلاثة محاور رئيسية، هي الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، أي أن يكون التخصيب في منزلة الصفر، بالإضافة إلى التفكيك الكامل للبنية التحتية للتخصيب، وإخضاع المنشآت الإيرانية لعمليات تفتيش صارمة بقيادة الولايات المتحدة، وحتمية إجراء خفض كبير في ترسانتها من الصواريخ الباليستية وقدراتها التصنيعية. وقد ساهمت الضربات الأخيرة على إسرائيل في تعزيز هذا التوجه. إذ يجب رصد ردود الفعل الأميركية الداعمة من مسؤولين كبار على أثر هذه الضربات، لدعم انخراط أميركي في الحرب يقضي على القدرات الإيرانية، فيما يعتقد البعض أن إيران تقوم بذلك في إطار إظهار توازن الردع، ولكن أيضا استفزازا لأميركا، لتقوم بضرب قدراتها النووية لئلا توقع هي على التنازل لما يعنيه الأمر من استسلام طوعي لدى النظام الإيراني.
إلى ذلك، ستتعزز المطالبة الأميركية القائمة أصلا بنزع سلاح “حزب الله”، مع ترجيح تمدد مطالبة إيران في الدرجة الأولى بالتخلي عن دعم أذرعها في المنطقة، وربما حلها وإدراجها من ضمن الشرعية، سواء في لبنان أو العراق أو اليمن.
ومن المرجح أن تتأخر مقاربة لبنان لسلاح الحزب في ضوء كل ذلك، فيما تزداد الضغوط عليه للمبادرة وعدم الانتظار تحت وطأة انعكاسات سلبية قد تترتب عليه. ويُنتظر اقتناع الشيعية السياسية بتغييرات لم تعد تستطيع مواجهتها، وتؤخر استعادة لبنان لعافيته وإعادة إعماره.