كتبت راجانا حمية في” الاخبار”: بلغت العلاقة بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وعدد من المستشفيات الحكومية طريقاً مسدوداً، بعد إعلان الصندوق تعليق دفع مستحقات هذه المستشفيات، إلى حين قيامها بتسديد ما يتوجّب عليها من اشتراكات وتصاريح موظفين لمصلحة الضمان، فيما تزعم المستشفيات، في المقابل، أنها عاجزة عن التحرك في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد.
Advertisement
]]>
وقد تفاقمت الأزمة مع تضخم المبالغ المستحقّة بين الطرفين، إذ يدين كلٌّ منهما للآخر بمبالغ ضخمة تصل إلى عشرات مليارات الليرات. وفي هذا السياق، تشير مصادر في الصندوق إلى وجود لائحة من المستشفيات التي لم تُسدِّد أي دفعات للضمان منذ ما قبل الأزمة المالية، كما لم تُقدّم أي تصاريح عن موظفيها منذ ذلك الحين.
ويأتي على رأس هذه اللائحة مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي يدين للضمان بـ26 مليار ليرة منذ عام 2020، كما لم يصرّح عن موظفيه منذ ذلك الوقت. كما يُسجَّل على مستشفى ضهر الباشق الحكومي الذي لم يصرح عن موظفيه منذ عام 2021، نحو 8 مليارات ليرة، يُتوقَّع أن ترتفع مع احتساب الغرامات، إضافة إلى مستشفى بعبدا الحكومي الذي تبلغ ديونه للضمان نحو 7 مليارات ليرة.
وتتسع اللائحة، بحسب مصادر وزارة الصحة، لتشمل بدرجات متفاوتة المستشفيات الحكومية في زحلة، بعلبك، الهرمل، حاصبيا، راشيا الفخار، وغيرها. وفي المقابل، للمستشفيات أيضاً مستحقات غير مدفوعة لدى الصندوق، لم تُسدّد إما بسبب التأخير المعتاد في الدفع، أو – أخيراً – نتيجة قرار الصندوق تعليق التسديد على خلفية هذه الأزمة.
لكن، مع ذلك، فإن ما يجري اليوم بين الطرفين لا يُمكن اعتباره مواجهة مباشرة أو عملية تصفية حسابات، بل انعكاس لأزمة بنيوية على مستوى النظام نفسه. أزمة تتجلّى في ما تُظهره المستشفيات الحكومية من لا مسؤولية في التعاطي مع واجباتها، وفي المقابل تراخٍ بلغ حدّ الانفلات داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأمام تفاقم الأزمة وبلوغها حدّ القطيعة، عقد اجتماعان في وزارة الصحة برعاية وزيري الصحة ركان ناصر الدين والعمل محمد حيدر، في محاولة لإيجاد مخرج يُجنّب الطرفين مواجهة مباشرة، باتت نتائجها تُهدّد صحة المرضى المنتسبين إلى الضمان الاجتماعي. فقد بدأت الأزمة أصلاً بتعليق الصندوق العقود مع المستشفيات المخالفة، ثم امتناعه عن تسديد مستحقاتها، وصولاً إلى رفض هذه المستشفيات استقبال أي مريض على حساب الضمان. وهكذا، بات يُحوَّل المريض إما إلى الاستشفاء على نفقة وزارة الصحة، أو يُحال من طبيبه المعالج إلى مستشفى خاص يعمل فيه، وهي الصيغة التي باتت الأكثر شيوعاً.