سيناريوهات متباينة.. ماذا بعد الاستهداف الأميركي للمنشآت النووية الإيرانية؟!

23 يونيو 2025
سيناريوهات متباينة.. ماذا بعد الاستهداف الأميركي للمنشآت النووية الإيرانية؟!


لم ينتظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتهاء مهلة الأسبوعين التي تحدّث عنها لاتخاذ قرار بشأن إيران، فدخل مباشرةً على خطّ الحرب الإسرائيلية ضدّها، من دون الاكتفاء على جري العادة بالدعم اللوجستي والمادي، بل لعلّ مهلة الأسبوعين لم تكن سوى للاستهلاك الإعلامي، أو التضليل، وهو “تكتيك” يبدو أنّ الأميركيين والإسرائيليين “يتفنّنون” في استخدامه، وهو ما تجلّى في العديد من المحطات، من غزة إلى إيران مرورًا بلبنان.


Advertisement

]]>

 
فكما بدأت الحرب الإسرائيلية على إيران، عشيّة جولة مفترضة للمفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، كان الانطباع السائد أنّ أيّ خيار عسكري مؤجَّل لما بعدها، جاء الدخول الأميركي المباشر على خطّ هذه الحرب، بعدما كان الاعتقاد بأنّه مؤجّل لما بعد انتهاء مهلة الأسبوعين التي أعلن الأميركيون عنها من أجل النقاش والحسم، ليتبيّن أنّ خطة الهجوم منجَزة، ربما منذ ما قبل إطلاق إسرائيل لهذه الحرب قبل نحو عشرة أيام.
 
في كلّ الأحوال، بتضليل أو من دونه، الثابت الآن أن الهجوم الأميركي قد تمّ، مع إعلان واشنطن استهداف ثلاث منشآت نووية، وإن لم تُعرَف نتيجته بدقّة، في ظلّ تباين مواقف المسؤولين الأميركيين أنفسهم، بين من تحدّث عن “تدمير” البرنامج النووي الإيراني، ومن اكتفى بالحديث عن “تعطيله”، ليصبح السؤال المركزي الآن، ماذا بعد هذا الهجوم، وإلى أين تتّجه هذه الحرب، وما هي السيناريوهات التي قد تأخذها، والتي تبدو متباينة هي الأخرى.
 
السيناريو الأضعف.. نهاية الحرب؟
 
بين السيناريوهات المطروحة، ثمّة من يتحدّث عن أنّ الاستهداف الأميركي المباشر للمنشآت النووية الإيرانية قرّب عمليًا نهاية الحرب، باعتبار أنّه شكّل “ضربة قاضية” للبرنامج النووي الإيراني، وحقّق لإسرائيل ما لم تستطع تحقيقه خلال عملياتها العسكرية، علمًا أنّ بعض التسريبات الصادرة عن الإعلام الإسرائيلي تبنّت هذه الفرضية بالحديث عن أنّ إسرائيل تريد إنهاء الحرب خلال هذا الأسبوع، وأنّها باتت مستعدّة لوقف إطلاق النار فورًا.
 
لكنّ هذا السيناريو يبدو “ضعيفًا” إلى حدّ بعيد، وفق العارفين، الذين يستبعدون أن تنتهي الحرب بعد الهجوم الأميركي، أقلّه قبل أن تردّ إيران عليه، وهي التي تعتبر أنها تعرّضت لعملية خداع من الرئيس دونالد ترامب، الذي جاء إلى البيت الأبيض بوعد انتخابي بإنهاء الحروب، فإذا به لا يكتفي بدعمها، بل ينخرط فيها بشكل مباشر، حتى إنّ هناك في إيران من يعتقد أنّ المفاوضات النووية كانت مجرّد “تقطيع وقت” تحضيرًا لهذه المواجهة العسكرية.
 
وبمعزل عن “دقة” ما يُحكى عن نتائج الهجوم الأميركي، في ظلّ المبالغة في التحليلات، سواء على مستوى التضخيم، أو التسخيف، يشدّد العارفون على أنّ الإيرانيّين يدركون أنّ لا خيار أمامهم سوى الردّ، وهم يعرفون جيّدًا أنّ إنهاء الحرب بدون ردّ سينقلب ضدّهم، وهم الذين يعلمون جيّدًا أنّ الهدف المضمر هو إسقاط النظام، وهو ما يجاهر به الإسرائيليون، ولو أوحى الأميركيون بعدم مشاركتهم بالقناعة نفسها.
 
هل “تتوسّع” المواجهة؟
 
في السيناريوهات الأخرى، ثمّة من يتحدّث عن حرب “استنزاف” قد تكون طويلة، في ظلّ تقديرات تشير إلى أنّ الأمور على الأرض ستستمرّ كما في الأسبوع الأول، بين ردّ وردّ على الردّ، علمًا أنّ الإيرانيّين يعتقدون أنّهم تجاوزوا “صدمة” الهجوم الغادر الأول، بل انتقلوا إلى إيقاع “الخسائر” في صفوف الإسرائيليّين، الذين عبّروا عن ذلك خير تعبير حين “استنفروا” لوصف استهداف مستشفى بجريمة الحرب، وهم الذين لم يتركوا مستشفى تعمل في غزة.
 
يبقى السيناريو “الأخطر” الذي يخشاه كثيرون، هو أن تفجّر الضربات الأميركية هجومًا أوسع، وأن تتحوّل معه الحرب الإسرائيلية على إيران، لا إلى حرب إقليمية شاملة فحسب، وهو سيناريو وارد أساسًا منذ اليوم الأول لمعركة “طوفان الأقصى”، ولكن حتى حرب عالميّة ثالثة، إن صحّ التعبير، علمًا أنّ بعض المواقف التي صدرت في الأيام الأخيرة تبدو لافتة، خصوصًا على مستوى الموقف الروسي مثلاً.
 
وإذا كان سيناريو الحرب العالمية مستبعَدًا إلى حدّ ما، فإنّ سيناريو “فتح الجبهات” على الأقلّ يبدو برأي كثيرين واقعيًا، حيث تتّجه الأنظار إلى ما يمكن أن يفعله حلفاء وأصدقاء إيران في المرحلة المقبلة، من الحوثيين في اليمن الذين هدّدوا بتوسيع المواجهة، إلى “حزب الله” في لبنان الذي وصف الهجوم الأميركي بالتصعيد الجنوني والخطير، وغيرهم، علمًا أنّ دعوة واشنطن إلى خفض عدد الموظفين وعائلاتهم في المنطقة قد تشكّل مؤشّرًا على مخاوف جدّية.
 
في النتيجة، تبدو كلّ الاحتمالات والسيناريوهات ممكنة، لكنّ الأكيد أنّ الهجوم الأميركي الذي وصفه الرئيس دونالد ترامب بالناجح، لا يمكن أن يكون “النهاية”، حتى لو صحّ أنّه ألحق خسائر كبرى بالبرنامج النووي الإيراني، فما بعد هذا الهجوم، لن يكون كما قبله، وسط تساؤلات عن الأفق الذي يمكن أن تتّسم به المواجهة في الاتي من الأيام، التي يُعتقد أنّها ستكون حاسمة ومفصليّة على أكثر من صعيد..