لسنا هامشاً في المشرق بل أساسه

26 يونيو 2025
لسنا هامشاً في المشرق بل أساسه


شارك المحامي زياد الخازن ممثلاً النائب طوني فرنجيه في اللقاء التضامني الذي دعا إليه “اللقاء الأرثوذكسي” مع ضحايا مجزرة كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والروحية والحقوقية.

وألقى الخازن كلمة باسم فرنجيه عبّر فيها عن “وجع المشرق وكرامة الإيمان المستهدف”، معتبرًا أن “الجريمة ليست استهدافًا لمكوّن ديني بعينه، بل طعنة في صميم المشرق وتاريخه وتعدديته”. ودعا إلى “التمسك بالدولة والعدالة والعيش المشترك في وجه محاولات الترويع والإلغاء”.

وقال: “الأحد الفائت، في كنيسة مار إلياس بدمشق، لم تقرع الأجراس كما جرت العادة، بل خفت صوتها تحت الركام. ولم تصعد التراتيل إلى السماء، بل انطفأت في الهواء، مختنقة برائحة الدم والرماد. في ذلك المكان، حيث يركع المؤمنون لله بخشوع، جاء من أرادهم أن يركعوا للموت. وحيث يولد الرجاء من شعلة شمعة، امتدت يد الظلام لتطفئ النور بانفجار أعمى. جريمة… نعم، لكنها ليست جريمة ضد المسيحيين فقط، بل ضد الشرق كله، روحه، تاريخه، وحضارته التي قامت على التنوع وتسامَت بالتلاقي. هو الإرهاب حين يلبس قناع الدين ليذبح الدين، ويقيم باسم الإيمان مذابح ضد الإيمان”.

وأضاف: “لسنا أقليات في أوطاننا، لأننا لسنا زائدين عن حاجة التاريخ. نحن الذين أشعلنا قناديل الصلاة، لا ننتظر من ينير لنا الطريق. لا نطلب حماية من أحد، بل نطالب بدولة تحفظ الكرامة، تحرس التنوع، وتقيم ميزان العدالة لا ميزان العدد. تفجير كنيسة مار إلياس لم يكن عملاً إرهابيًا عابرًا، بل رسالة مغلفة بالدم تريد طمس إنجيل المشرق وقطع أرزه من الجذور. إنه نفي للحق، وجحد للهوية، وعدوان على الحياة المشتركة. رسالة تقول: لا مجال للعيش معًا. وردنا عليها يجب أن يكون: بل لا مجال للعيش إلا معًا. نرفض أن يصبح الدم لغة السياسة، والإرهاب سياسة دولة أو وسيلة ضغط أو أداة صراع. نؤمن أن لا خلاص إلا بدولة القانون لا دولة السلاح، ولا بديل عن العدالة ولا خلاص بالانتقام”.

وتابع: “للإخوة في الكنيسة الأرثوذكسية نقول: لسنا معكم فقط في الألم، نحن أنتم. نحن جسد واحد في هذه الأرض، إذا نزف طرف، شعر به الجسد كله. دماؤكم ليست سلعة تفاوض، ولا صمتكم إذعان. ندعو من تبقّى فيه ذرّة ضمير في سوريا ولبنان والشرق كله ألا يصمت، لأن الصمت شراكة، والحياد تواطؤ، والهروب جريمة. المسيحيون ليسوا هامشًا في كتاب المشرق، بل فصله الأول. ليسوا زينة للهوية، بل جزء لا يُختصر ولا يُستبدل”.

وختم: “فلنصلّ، نعم، ولكن صلاة تعرف كيف تقيم العدل لا تخدر الألم. وبعد الصلاة، لا بد من الكلام، لا بد من الشهادة، لا بد من التمسك بالحق لا بالمجاملة، لأن من يصمت على جريمة يصبح بعدها هو الجريمة. والسلام على من لا يزال يرى في التنوع نعمة، وفي الوطن رسالة، وفي الإنسان قيمة لا مجرّد هوية”.