آخر معارك وليد جنبلاط

1 يوليو 2025
آخر معارك وليد جنبلاط


كتب نجم الهاشم في” نداء الوطن”:لم يكن من الممكن بالنسبة إلى وليد جنبلاط أن يطالب “حزب الله” بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني بينما يحتفظ هو بكميات من الأسلحة. وهو واظب، منذ بدأ “حزب الله” حرب المساندة بعد طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، على مطالبته بوقف هذه الحرب وبالعودة إلى اتفاق الهدنة الموقع عام 1949 بين لبنان وإسرائيل، وبتطبيق الطائف لجهة قرار حلّ جميع الميليشيات ومن بينها “حزب الله” حكمًا. ولكن ما فاجأ جنبلاط اللبنانيين به هو كشفه عن كميات الأسلحة التي كانت لديه وعن تسليمها إلى الجيش اللبناني.

بين وليد جنبلاط والشيخ نعيم قاسم انقسم المشهد في لبنان بين اتجاهين متناقضين: ناس راجعة من الحرب وناس رايحة عالحرب. بينما ظهر جنبلاط وكأنّه راجع من كل الحروب القديمة التي خاضها في لبنان، بدا قاسم وكأنّه متأهب لخوض حروب جديدة غير مكترث بما يريده اللبنانيون الآخرون، أو بالكوارث التي جرّتها الحروب التي جرّ حزبه لبنان إليها.

قد يكون جنبلاط تخلى عن ورقة السلاح حتى لا تثار ضده وتتحوّل إلى حجّة وذريعة عند “الحزب” لكي لا يسلّم سلاحه. وقد يكون حاول استباق أن تكشف جهة أخرى وتسرّب معلومات مثلًا عن هذا السلاح، فتضعه أمام موقف محرج. ولذلك اتجه إلى الكشف بطريقته الخاصة عن هذا الأمر الذي يبدو أنّه تم بطريقة سرية تقريبًا بينه وبين رئيس الجمهورية جوزاف عون وبين قيادة الجيش والعماد رودولف هيكل.
ربط جنبلاط خطوة تسليم السلاح بتطورات الحرب في المنطقة حيث اعتبر أنّ إيران خسرت وأن أميركا وإسرائيل ربحتا. “الجولة اليوم انتصرت فيها إسرائيل والغرب وأميركا… هناك اليوم صفحة جديدة فُتِحت في الشرق الأوسط، ووسائل المواجهة السابقة طُويت وما عادت صالحة. يجب أن يكون كلّ السلاح في يد الدولة. لذلك، إذا كان هناك حزب لبنانيّ أو أحزاب لبنانيّة، أو حتى أحزاب غير لبنانيّة، تمتلك سلاحًا، أتمنّى أن يُسلَّم هذا السلاح بالشكل والطريقة المناسبين إلى الدولة”. وهذا الأمر سيجعل “حزب الله” يتّهمه، كما يتّهم غيره، بأنّه يراهن على نتائج الحرب الإسرائيلية، وأنّه مؤيّد للشرق الأوسط الجديد الذي تعمل له إسرائيل.
• لم يربط جنبلاط بين تسليم سلاح “الحزب” وبين احتلال إسرائيل لعدد من المواقع داخل لبنان مطالبًا بتسليم سلاح “الحزب” أولًا لأنّه لا يؤثر على مسألة انسحاب إسرائيل من عدمه، مؤكدًا صداقته وتحالفه مع الرئيس نبيه بري. وهو في هذا المجال قد يكون يعكس موقف الرئيس بري أيضًا الذي حرص خلال حرب الأيام الإثني عشر بين إيران وإسرائيل على التأكيد أن “حزب الله” لن يتدخل في هذه الحرب 200 بالمية. وقد أعاد جنبلاط التأكيد على تنفيذ القرار 1701 الذي ينصّ على نزع سلاح “الحزب” بالعودة إلى ما نصّ عليه اتفاق الطائف أيضًا.
• القنبلة التي فجّرها جنبلاط لم تكن في الكشف عن السلاح وعن تسليمه فقط، بل بتأكيده أن مزارع شبعا سورية. وبالتالي أراد أن يقطع أي ربط بين بقاء إسرائيل في هذه المزارع، وبين حجّة بقاء السلاح مع “حزب الله”. كان قاطعا في المسألتين.
إعلان جنبلاط تسليم السلاح جاء بعدما كان استقبل في 19 حزيران في كليمنصو الموفد الأميركي توم برّاك الذي ينتظر من السلطة اللبنانية ردًّا على مطلب واشنطن نزع سلاح الحزب بالتزامن مع الإنسحاب الإسرائيلي. خطوة جنبلاط تدخل ضمن الإستراتيجية الأميركية ويمكن أن تكون داعمة لتوجه السلطة في ردها على المطلب الأميركي. وكان لافتا تخصيص برّأك لجنبلاط بهذه الزيارة دون غيره من السياسيين اللبنانيين بعدما كانت انتزعت علاقته مع الموفدة السابقة مورغن أورتاغوس. لقاء يوحي بأنه حتى لو فكر وليد جنبلاط بالتقاعد فهناك من يعتبر أنه لا يمكن أن يتقاعد. بسلاح ومن دون سلاح يبقى له دوره وحضوره.