حرب بقاء بين وزيرة التربية والمعلمين؟

beirut news20 يوليو 2025
حرب بقاء بين وزيرة التربية والمعلمين؟


 قبل أسابيع، كانت اللقاءات تتم بشكل مستمر بين وزيرة التربية ريما كرامي ووفود الاساتذة الذين كانوا يطلعون كرامي على مطالبهم. النقاشات والأجواء الإيجابية التي كانت سائدة آنذاك دفعت بالأساتذة المتعاقدين إلى فكّ الإضراب، إلا أن الأمور اليوم عادت إلى المربع الأول، إذ اعتبرت مجموعات أنّ الوزيرة تتعمد إغلاق الابواب أمامهم، وكل ما وعدت به ما كان إلا كلاما، وهذا الأمر ترفضه مصادر مقرّبة من وزارة التربية، إذ أشارت لـ”لبنان24″ إلى أنّ الوزيرة أعطت جوابها خلال جولتها على المدارس خلال الامتحانات الرسمية، ويتلخص الجواب بأنها تعمل على الملف وستضمن على أن يحصل كل ذي حق على حقه.
 
اليوم، تعيش العلاقة بين وزارة التربية والمعلمين المتعاقدين واحدة من أكثر مراحلها توترًا. فبعد وعود لم تُترجم، ومطالب بقيت معلّقة، دخل الطرفان في حالة من شبه القطيعة، مع غياب أي قنوات تواصل فعالة مع بعض الجهات، واتهامات متبادلة بالتقصير أو بالمبالغة في التقديرات المالية، في حين تؤكّد مصادر الوزارة لـ”لبنان24″ أن التواصل قائم، ولكن الاساتذة تفرقوا إلى مجموعات متعددة.
 
في قلب الأزمة تكمن مطالب المعلمين المتعاقدين بالحصول على مساعدات اجتماعية شهرية تقدّر بـ375 دولارا لكنها مربوطة بعدد ساعات المعلم بمعنى أنه قد لا يحصل الاستاذ على 375 دولارا، وبحسابات سريعة فإن الاساتذة يريدون 7 مليون دولار نسبة لعددهم، في وقت أفاد أحد النواب الذي يتابع مع وزيرة التربية الدراسة التي قدمتها، انّها طلبت 100 مليون دولار من مجلس الوزراء، وهذا ما أشعل غضب بعض اللجان التي اعتبرت أنّ الوزيرة تتعمد تضخيم الرقم كي لا يتم تأمين حقوق المعلمين إذ إن رقم 100 مليون دولار هو رقم فلكي في حين ان الاساتذة المتعاقدين يريدون فقط 7 مليون دولار، علمًا أنّ هناك حزمات أخرى اقل تم تقديمها وقُبلت، ولم تقتصر على قطاع التربية، بل قطاعات أخرى منها ادارية وعسكرية، ما دفع بالاساتذة للتساؤل عن كيفية قبول الوزيرة بهذا الأمر وهي موجودة على طاولة القرار.
 
في هذا السياق، اعتبرت رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين،د. نسرين شاهين، أن الوزيرة تعمّدت إغلاق أبواب الحوار بعد تحركات الأساتذة، رغم أن التواصل كان قائمًا قبل ذلك. وتساءلت شاهين عن أسباب التراجع المفاجئ، في وقت تقر فيه الحكومة مساعدات لجهات تعليمية وإدارية أخرى، منها أساتذة الجامعة اللبنانية، مدراء المدارس، والمستخدمون، عبر قوانين أو مراسيم صدرت بهدوء ومن دون اعتراض. واستغربت شاهين إلغاء الحكومة الحالية القرار الاستثنائي الذي كانت قد اتخذته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سابقًا، والقاضي بصرف مساعدات للمتعاقدين، نسبة إلى تدني الاجور آنذاك، في خطوة اتخذتها الحكومة لمساعدة الاساتذة، في حين يتم نقل اعتمادات بمبالغ ضخمة إلى جهات تربوية وإدارية وعسكرية أخرى اليوم. هذا التناقض، بحسب اللجنة، لا يعكس فقط غياب العدالة في توزيع الموارد، بل يؤشر إلى وجود نية ممنهجة لإقصاء المتعاقدين من أي خطة دعم مستدامة.
 
في ظل هذا الواقع، لم تعد المشكلة مالية بحتة، بل تحوّلت إلى قضية كرامة ومبدأ، بحسب مصادر تربوية متابعة. فالسكوت على ما يُعتبر “تهميشًا مقصودًا”، لم يعد خيارًا مطروحًا لدى المتعاقدين، ما ينذر بتصعيد غير مسبوق مع بداية العام الدراسي المقبل. أما على مستوى الحكومة، فتبدو المقاربة المالية محكومة بالحسابات الإجمالية للعجز، وسط إصرار على عدم فتح باب التخصيص الاستثنائي لمطالب قطاع واحد، خشية أن يؤدي ذلك إلى مطالب مماثلة من قطاعات أخرى. إلا أن هذا النهج يزيد من حدة التوتر داخل القطاع التربوي الرسمي، الذي يعاني أصلاً من نزيف مزمن في الموارد والكوادر.
 
وهكذا، تتجه أزمة التربية في لبنان إلى مزيد من التعقيد، في ظل غياب مقاربة شفافة وشاملة للقطاع، تُنهي سياسة التجزئة وتعيد الثقة بين الإدارة المركزية والمكونات التعليمية. فالمشكلة لم تعد تقنية أو مالية، بل تتعلق بإدارة العلاقة مع قطاع بات يشعر بأنه مستبعد من المعادلة الوطنية.