هل سينفّذ قرار لمّ سلاح حزب الله؟

beirut News12 أغسطس 2025
هل سينفّذ قرار لمّ سلاح حزب الله؟


مع كل يوم ينقضي من المهلة المعطاة للجيش لتقديم خطته المتكاملة لسحب كل السلاح غير الشرعي، أيًّا كان نوعه أو حجمه، من أيدي غير المجاز لهم حمله تبرز مشكلة جديدة. ومع كل يوم يمر تتراكم الأسئلة وتتشابك في رؤوس اللبنانيين، الذين لم يعودوا يطيقون انتظار تسعة عشر يومًا قبل أن ينتهي شهر آب المصادف ذكرى تغييب الأمام موسى الصدر. فالذي شرب من بحر خمسين سنة من الانتظار لن يغصّ إذا شرب من ساقية كمّ يوم. ولكن هذا الانتظار يشبه إلى حدّ كبير انتظار المطر في عزّ الصيف، خصوصًا إذا كانت هذه الغيمة، التي قد تحمل معها أول الغيث، ليست سوى غيمة صيف، التي يمكن أن تمرّ من دون أن تحمل معها بشائر الخير والبركة والبحبوحة.


Advertisement

]]>

ومن بين الأسئلة، التي تزدحم في رؤوس اللبنانيين سؤال سيبقى يحتّل الأولوية من بين أسئلة كثيرة. وهذا السؤال يطرحه في العلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي كل لبناني متعطّش لرؤية بندقية الجيش والقوى العسكرية الأخرى “سيدة الساحات” وحدها دون سواها من قوى الأمر الواقع: هل سيكون قرار الحكومة اللبنانية السيادي بامتياز، والذي طال انتظاره، كسائر القرارات السابقة المشابهة، والتي بقيت حبرًا على ورق؟ فقرار لمّ السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها لا يزال مجرد قرار لم يسلك طريقه إلى التنفيذ بعد، ما دام هذا السلاح “يسرح ويمرح” على مرأى الحكومة ومسمعها، وهو ظاهر وعلى المكشوف. ومن هو سلاحه ظاهر ومكشوف “ما بدو تفتيش”، على حدّ ما تقوله إحدى أغنيات مسرحية “يعيش يعيش” للأخوين رحباني.
هو سؤال محقّ ومشروع، خصوصًا بالنسبة إلى اللبنانيين الذين ينفخّون على اللبن، لأن الحليب كواهم أكثر من مرّة. فلا يُلام من يشكّك بما لم ينفّذ في الماضي. ومن حق سائل هذا السؤال أن يطمئن إلى أن الجواب عنه لن يكون كما سابقاته من الأجوبة، التي لم تشفِ غليل السائل، ولم تُزِل من رأسه ما يساوره من قلق على المستقبل.
وما يزيد من خوف المواطنين وقلقهم هو ما يسمعه يوميًا من أكثر من مسؤول في “حزب الله”، وعلى رأسهم رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الذي يطلع مع اشراقة كل شمس بوصف جديد لقرار الحكومة بتاريخيه 5 و7 آب. وهذه الأوصاف، التي تُعطى لهذا القرار المتناقضة توصيفاته بين فريق سياسي وآخر، أو بين المسؤولين الغربيين والمسؤولين الإيرانيين، تتناقض مع الواقع، الذي يحاول المسؤولون المباشرون عنه، وهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء، تجميله بمساحيق آنية لتغطية ما فيه من عيوب وتشوّهات لن تدوم سوى ليوم واحد فقط.
ولكن، وفي المقابل، فإن الرئيس العماد جوزاف عون لا يترك مناسبة، ومنذ اتخاذ هذا القرار الموصوف بـ “التاريخي”، إلاّ ويؤكد أن قرار حصر السلاح بيد الجيش والقوى العسكرية الأخرى لم يُتخذ إلا لكي يُنفّذ. ولو كان ما يرّوج له البعض عبر بعض المنصّات المتضرّرة من هكذا قرار صحيحًا لما كان قد لاقى ترحيبًا إجماعيًا من قِبل الدول، التي تقف إلى جانب لبنان في محنه، وهي لا تزال تسانده لكي تستطيع قواه الشرعية بسط سلطتها الكاملة وغير المنقوصة على كامل التراب اللبناني.
فلو كان صحيحًا أن السلطة السياسية قد اتخذت قرار حصر السلاح بأيدي القوى العسكرية الشرعية لإرضاء المجتمع الدولي فقط، لما سارع جميع قادة العالمين العربي والدولي إلى تأييد كل كلمة وردت في قراري يومي الخامس والسابع من آب الجاري، خصوًصا أن مراقبة التنفيذ، الذي يسري مفعوله بعد أربعة أشهر من الموافقة على خطة الجيش، لن تكون صورية. فالرئيس عون، ومعه حكومة “الإنقاذ والإصلاح”، يعرفان جيدًا ما تعنيه كلمة “غير صورية” بالنسبة إلى الدول المعنية بأن يكون لبنان بلدًا مستقرًّا، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. ويعيان جيدًا ما ينتظره لبنان من عقوبات في حال تلكأ عن تنفيذٍ كاملٍ لما يمكن أن يرد في خطّة الجيش، التي تقول المعلومات غير الرسمية إنها قطعت شوطًا مهمًّا في بلورة ما يجب أن تكون عليه هذه الخطة، التي تشمل كل الأراضي اللبنانية.
وفي المعلومات أيضًا أن الجهاز المختص والمكّلف بإعداد هذه الخطّة يستعين بمخابرات الجيش بما لديها من معلومات دقيقة ومفصّلة عن مخابئ السلاح، على أن تراعي هذه الخطّة ما يمكن أن يواجه عملية التنفيذ من عراقيل وصعوبات عملانية.