كتبت” النهار”: لم يشأ رئيس الجمهورية جوزاف عون أن يتموضع داخليًا إلى جانب فريق سياسي على حساب آخر، بل ثبّت دوره كرئيس جامع لكل البلد، محترمًا “دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه” وفق قسم اليمين، ومن دون أن يتنازل عن رأيه بشأن قضايا استراتيجية كموضوع “حصرية السلاح”، الذي كان أول من طرحه في خطاب القسم. وإذا كانت مقررات مجلس الوزراء الأخيرة ولّدت اعتراضات عند فريقي “الثنائي الشيعي”، فإن مسار تعاطي رئيس الجمهورية مع الملف كان مسؤولًا، عند فتحه الحوار مع “حزب الله” في الأشهر الماضية بشأن السلاح، وإدراكه حجم الضغوط الدولية على لبنان، لوجوب اتخاذ قرار سريع، تحت طائلة عودة الحرب الواسعة، وعدم الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الإعمار. من هنا كان خطاب رئيس الجمهورية حاسمًا لجهة حصرية السلاح، ضمن مسار وقف الحرب، وما تجلى في الورقة اللبنانية أيضًا التي سلّمها للأميركيين. جاء جواب واشنطن محددًا، بشأن خطوات وجد معظم اللبنانيين أنها تصب في مصلحة بلدهم، وخصوصًا أن البند الأخير من الورقة الأميركية يُلزم إسرائيل بالانسحاب من لبنان ووقف الحرب. كما أن تلك الورقة تشكّل بارقة الأمل الوحيدة في ملف إعادة الإعمار.
Advertisement
]]>
تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”النهار” إن المعترضين على قرار مجلس الوزراء يدركون أن المقررات التي صدرت هي حاجة ضرورية، بعد الوصول إلى حائط مسدود، وبقاء البلد في ستاتيكو النزاع مع إسرائيل، يُسقِط شهداء وجرحى بشكل يومي، ويفتح المجال أمام اعتداءات إسرائيلية متواصلة، ترفض تل أبيب وقفها قبل نزع سلاح “حزب الله”. وبما أن الحزب عجز عن تغيير مسار الحرب سابقًا، وخسر قياداته وقدراته، والتزم التفاهم الذي صاغه الأميركيون في شهر تشرين الثاني 2024، فإن الدولة اللبنانية لا يمكنها أن تتفرج على استمرار العدوانية الإسرائيلية من دون إيجاد السبب لوقف الحرب وإعادة الإعمار وعودة المهجرين إلى بلداتهم. تعدّدت وجهات النظر السياسية في الداخل، لكن رئيس الجمهورية فضّل أن يبقي دوره في موقع التوازن الوطني، فلا هو ذهب إلى الفرض، ولا قطع العلاقات مع أي فريق. وبانتظار تقرير المؤسسة العسكرية حول ملف حصرية السلاح، أظهر الرئيس عون حرصه على التواصل مع كل القوى السياسية، ودعا عمليًا المكونات اللبنانية إلى إبقاء الحوار قائمًا. من هنا جاء التواصل بين بعبدا وعين التينة في اليومين الماضيين، عبر مستشار الرئيس العميد أندريه رحال، الذي زار عين التينة، تحت شعار رئيس مجلس النواب نبيه بري “الحوار والتلاقي الوطني وعدم القطيعة” وعدم الانسحاب من الحكومة.
كما أن انحياز عون باتجاه تولي الجيش اللبناني مهمة إعداد التقرير العسكري، ينطلق من قاعدة أساسية هي أن الجيش يبقى المؤسسة الجامعة، ولن يكون تقريره إلا لصالح البلد، إذ يراعي الواقع وكيفية التنفيذ.
وبحسب المعلومات، فإن جهود الرئيس عون ستتظهر في الأشهر المقبلة، وخصوصًا إزاء أبناء المناطق المدمّرة أو المواطنين المهجرين، عبر مؤتمر إعادة الإعمار الذي سيطلق الإشارة نحو بناء البلدات والقرى بعد فرض وقف العدوان الإسرائيلي.
وكتب محمد بلوط في” اللواء”: تتحدث مصادر دبلوماسية معنيّة، عن ان الآمال معلّقة على دور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي يقوم بدور ضابط الإيقاع، حيث يمارس مهامه بتوازن وطني دقيق، وهو القادر على ضبط أي خلل سياسي، لمنع حصول تداعيات للخلاف الذي حصل بشأن مقررات مجلس الوزراء ان في الحكومة أو في الشارع. وبحسب المعلومات فإن اتصالات حصلت بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، تحضيراً لإجتماع مرتقب بين الرئيسين عون ونبيه برّي، يُساهم في ترسيخ دور رئيس الجمهورية، لإعادة تقريب المسافات بين القوى السياسية التي تباعدت اثر اتخاذ الحكومة مقررات حصرية السلاح. ولفت كلام نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، الذي طالب الرئيس عون، بأن يعقد طاولة حوار بين القوى السياسية اللبنانية، لحلّ الأزمة الحالية، وهو طلب يؤكّد وجود ثقة بدور رئيس الجمهورية، خصوصاً ان الرئيس عون يستند الى أبرز بنود الورقة التفاوضية مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الضامنة، التي ترهن الخطوات بموافقة الأطراف المعنية، على الانسحاب الإسرائيلي خلف الحدود الدولية، ووقف إطلاق النار، وإعادة الإعمار، وعودة المهجرين. ورغم سقوف الخطابات السياسية المرتفعة، وأجواء الاعتراض، يُرتقب أن تشكّل خطوات رئيس الجمهورية الداخلية، عبر الاجتماع مع رئيس مجلس النواب، أو اللقاءات مع باقي القوى السياسية، ومتابعة تقرير المؤسسة العسكرية، آمال كبيرة في منع انزلاق لبنان إلى أزمة لا تنتهي، وسط دعم دولي لافت لخطوات الرئيس جوزاف عون الذي يحرص على التشديد أمام زوار قصر بعبدا وفي كل مناسبة ثوابته حول هذا الملف ومنها: ان هذه الخطوة ستتم بروح هادئة تحفظ السلم الأهلي ولن تؤدي الى الحرب، وان التطبيق سيكون عبر الحوار وليس بالقوة، من منطلقا من مبدأ الوحدة الوطنية وتحقيق الإصلاح، وبذلك يكون الرئيس عون يترجم بالعقلانية الاعتدالية إرادة بناء المؤسسات وحماية السلم الأهلي.