نقل جلسة الثلاثاء إلى الجمعة إخراج لحفظ ماء وجه الحكومة وحزب الله معًا

beirut News31 أغسطس 2025
نقل جلسة الثلاثاء إلى الجمعة إخراج لحفظ ماء وجه الحكومة وحزب الله معًا


قبل أن يتقرّر نقل موعد جلسة مجلس الوزراء من الثلاثاء إلى يوم الجمعة شهدت الساحة السياسية زحمة طروحات وأفكار. ومن بين هذه الطروحات والنظريات ما هو واقعي ومنطقي، ومن بينها أيضًا ما هو مخالف لها. فأصحاب المنطق والواقعية السياسية ينطلقون في طروحاتهم من نظرية أن ما للدولة فهو للدولة حصرًا، وأن لا شريك لها في امتلاك السلاح على كامل التراب اللبناني من دون أي استثناء. فالسلطة إمّا أن تكون كاملة المواصفات وإمّا لا تعود سلطة معترف بها أمميًا وبكل ما لهذه الصفة من معانٍ سيادية.

 

 

 ويقول أصحاب هذا المنطق أن تأجيل انعقاد جلسة الجمعة مرّة جديدة، حتى ولو لساعات، هو ضرب لهيبة الدولة ولكسر مفاعيل جلسة الخامس من آب بما تضمّنته من قرارات حاسمة بالنسبة إلى موضوع حصرية السلاح بيد القوى العسكرية الشرعية دون غيرها من القوى، التي لم يتمّ ذكرها في البند الأول من اتفاق وقف إطلاق النار.

 

أمّا أصحاب المنطق الآخر فيرون الأمور من منظار آخر ومن زاوية مختلفة من حيث الأهداف والتوجهات عمّا يحاول الذين يدورون في فلك السلطة ترويجه. ويقول هؤلاء، وهم الأقرب إلى توجّه قوى “الممانعة”، إن أي دعسة ناقصة قد تقوم بها الحكومة المفترض بها أن تتسّلم خطّة الجيش الجمعة ستؤدّي إلى انعكاسات خطيرة على الساحتين المحلية والإقليمية، خصوصًا أن ثمة كلامًا منسوبًا إلى قائد الجيش رودولف هيكل يرفض فيه زجّ الجيش في مواجهة داخلية.

 

ولأن كل شيء “في وقته حلو” فإن كلًا من وزراء “حزب الله” وحركة “أمل”، إضافة إلى الوزير الشيعي الخامس، لم يعلنوا أي موقف لا سلبي ولا إيجابي من جلسة الجمعة الحاسمة، التي لم تتضح حتى كتابة هذه الأسطر صورة السيناريوهات المحتملة لها، وإن كان أمر التزام قيادة الجيش تقديم خطّتها محسومًا.

 

وبحسب ما يتمّ تسريبه عن هذه الخطّة، وإن بالتواتر، فإنها تتضمّن جدولًا زمنيًا وآليات تنفيذية وتحديد مناطق ومراحل تمهيدية لحصر السلاح بيد الدولة، مع تحديد القطع، التي ستتولى هذه العملية من ألفها حتى يائها، مع إبداء الحرص الشديد على الحفاظ على الاستقرار الداخلي، خصوصًا أن “حزب الله” لا يزال يصرّ على عدم تسليم سلاحه “لا بالمنيحة ولا بالوحيشة”. فالخطة التي أعدّها الجيش، وفق ما رشح، لا تقتصر على الجانب العسكري التقني، بل تُقدَّم مقاربة شاملة، عبر مسار تدريجي يراعي الوقائع الداخلية، ويأخذ بالحسبان التوازنات الدقيقة بين القوى السياسية والطائفية، من دون ان تطرح المواجهة مع أي طرف، بل تُقدَّم “كإطار مؤسساتي لإعادة بناء العقد الوطني على أساس سيادة الدولة، ووحدة القرار الأمني، وحصر السلاح”.

 

وفي التفاصيل المستندة إلى معلومات غير رسمية فإن الخطة انجزت وسيطلع قائد الجيش رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عليها، ليناقشاها، قبل ان يحيلها وزير الدفاع الى مجلس الوزراء، في جلسة الجمعة وفقا للمتفق عليه، والتي سيحضرها العماد هيكل، حيث سيشرح الاهداف والمراحل والحاجات ويقدم سلسلة توصيات واقتراحات، على ان تحيلها الحكومة بدورها الى المجلس الاعلى للدفاع لمناقشتها تقنيا، بوصفه “هيئة عسكرية”، ليتم الموافقة عليها في ما بعد كنوع من الإخراج المتفق عليه للحفاظ على ما تبقّى من ماء وجه الحكومة و”حزب الله” في الوقت ذاته.
وهذا ما يدفع المراقبين إلى التبصّر في ما يمكن أن تتخذه الحكومة من إجراءات. فأي خطوة في غير موضعها الطبيعي قد تؤدي إلى ما لا يريده أحد من اللبنانيين.
 
فالحكومة اليوم هي أمام امتحان صعب. ويبدو أنها “مزروكة” في زوايا في كل حالة من الحالات المتاحة والممكنة، خصوصًا أنها تدرك، مع ما تتعرّض له من ضغوطات خارجية، ان الجيش بتركيبته الحالية غير قادر بمفرده على نزع سلاح “حزب الله” لا لوجيستياً ولا ميدانياً، إلا من ضمن تفاهم سياسي شامل وضمانات خارجية واضحة تمنع انزلاق البلاد إلى الفوضى.
وقبل أيام من انعقاد جلسة “الحسم”ترددت معلومات عن تحضيرات جارية لزيارة يقوم بها رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد للقصر الجمهوري، للبحث في مجموعة من النقاط، من بينها القرارات الحكومية، وكيفية تعاطي السلطة مع خطّة الجيش.

 

وبالتوازي مع التحضيرات القائمة على قدم وساق، والتي يقوم بها فريق لصيق برئيس الجمهورية، فإنه من المتوقع أن تسّلم السيدة مورغان اورتاغوس إلى السفارة الأميركية في عوكر الموقف النهائي لحكومة العدو مما تقدّم به لبنان الرسمي من مشروع حلّ يقوم على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”.