في خطوة تؤكد عودة لبنان إلى واجهة التعاون العربي والإقليمي بعد سنوات من التحديات، أطلق وزير الزراعة اللبناني الدكتور نزار هاني، ونظيره المصري وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد علاء فاروق، أعمال الدورة الخامسة للجنة الزراعية الفنية المشتركة بين البلدين، وذلك في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور وفد رسمي لبناني رفيع المستوى.
تُعد هذه اللجنة محطة أساسية نحو رسم ملامح شراكة استراتيجية تسهم في تعزيز الأمن الغذائي العربي، وتفتح آفاقاً جديدة أمام المزارعين والمستثمرين في البلدين، على قاعدة التكامل وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة.
ضم الوفد اللبناني مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود، مدير الثروة الحيوانية الدكتور إلياس إبراهيم، رئيس مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد والحجر الصحي الزراعي المهندسة رانيا حايك، ومستشار الوزير فادي غانم، إضافة إلى ممثلين عن النقابات الزراعية والقطاع الخاص اللبناني.
فاروق: الأمن الغذائي هدف مشترك واستثمارات واعدة
أكد الوزير علاء فاروق في كلمته على عمق العلاقات التاريخية التي تجمع مصر ولبنان، مشدداً على أن القطاع الزراعي يمثل ركيزة أساسية للتكامل العربي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة.
وأشار فاروق إلى أن انعقاد هذه الدورة يعكس حرص القيادتين على تعزيز التعاون في قطاع حيوي يضمن استقرار الشعوب وأمنها الغذائي، لافتاً إلى النهضة الزراعية التي شهدتها مصر عبر مشاريع قومية كبرى، أبرزها استصلاح أربعة ملايين فدان، وتطوير الريف المصري، والمشروع القومي للصوب الزراعية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في التصنيع الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأضاف: “نطمح أن تسفر هذه الاجتماعات عن نتائج ملموسة تسهّل انسياب السلع الزراعية، وتفتح آفاقاً للتعاون البحثي والتكنولوجي وتبادل الخبرات، بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين.”
هاني: لبنان ينطلق من جديد بشراكة متوازنة ومبتكرة
بدوره، أكد وزير الزراعة اللبناني الدكتور نزار هاني أن هذه اللجنة تمثل أكثر من اجتماع تقني، بل خطوة تأسيسية لشراكة عربية متوازنة قائمة على التكامل وتبادل المعرفة والخبرات، بحيث لا يكون لبنان متلقياً فحسب، بل شريكاً في تطوير الحلول الزراعية المستدامة.
وقال هاني: “لبنان ينطلق من جديد بعد سنوات من التحديات الكبيرة، واضعاً نصب عينيه هدف بناء قطاع زراعي متطور يواكب التحولات العالمية، ويعزز مكانته في الأسواق العربية والدولية. مصر شريكنا الأول في هذا المسار، وخبراتها في المشروعات الزراعية العملاقة ستكون مرجعاً نتبادل معه التجارب الناجحة، ونطوّر من خلاله حلولاً مشتركة تخدم المنطقة بأسرها.”
وأضاف: “نواجه تحديات مركبة فرضتها الأزمات الاقتصادية وتداعيات التغير المناخي، لكننا نمتلك إرادة قوية ورؤية واضحة. خطتنا ترتكز على زراعات متكيفة مع التغير المناخي، واعتماد تقنيات ري حديثة، وحلول مبتكرة تضمن استدامة الإنتاج وصمود المزارعين. ونؤمن أن تبادل الخبرات والتكنولوجيا بين لبنان ومصر سيشكّل حجر الزاوية في هذا التعاون، إلى جانب تفعيل الزراعة التعاقدية كمصدر أساسي لتحقيق الأمن الغذائي.”
وشدد الوزير على أن هذه اللجنة ستضع خططاً عملية للتعاون، وتفتح مجالات أوسع للاستثمار الزراعي، بما يحقق التنمية المستدامة ويكرّس دور لبنان كفاعل أساسي في منظومة الأمن الغذائي العربي.
فتح الأسواق أمام المنتجات اللبنانية وتوسيع التبادل الزراعي
وفي سياق حديثه، دعا هاني إلى فتح السوق المصري أمام المنتجات الزراعية اللبنانية، وفي مقدمتها التفاح، بكميات أكبر وتسهيل الإجراءات، مؤكداً أن لبنان يلتزم بأعلى معايير الجودة وسلامة الغذاء، ما يعزز فرص التصدير ويخلق توازناً اقتصادياً يدعم المزارعين.
مذكرات تفاهم جديدة وخريطة طريق للتعاون
وفي ختام اللقاء، أعلن الوزيران إطلاق أعمال اللجنة التي ستبحث خلال يومين آليات تعزيز التبادل التجاري الزراعي، والتعاون في مجالات الحجر الصحي النباتي والبيطري، والبحث العلمي والتدريب، إضافة إلى تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة، مع الاتفاق على توقيع مذكرات تفاهم جديدة في أكتوبر المقبل، لتشكّل خريطة طريق لشراكة استراتيجية تُسهم في نهضة القطاعين الزراعيين في البلدين.