فريق ريال مدريد الحالي يستحق التقدير وليس السخرية

12 مارس 2019
الهزيمة الثقيلة أمام أياكس لن تُنسِي الجماهير فوز «الملكي» بأربع بطولات دوري أبطال في آخر 5 سنوات
الهزيمة الثقيلة أمام أياكس لن تُنسِي الجماهير فوز «الملكي» بأربع بطولات دوري أبطال في آخر 5 سنوات

سخر البعض من الهزيمة الثقيلة لريال مدريد الإسباني أمام أياكس أمستردام، لكن الحصول على أربع بطولات لدوري أبطال أوروبا في آخر خمس سنوات يعد إنجازاً سيتحدث عنه التاريخ طويلاً وبكل فخر.

في بداية الأمر، لا بد أن نشير إلى الحقيقة الواضحة، التي لا لبس فيها على الإطلاق، وهي أن نادي ريال مدريد قد هيمن على كرة القدم الأوروبية على مدار الأيام الألف الأخيرة. وبالتالي، يجب علينا أن نشيد بهذا النادي العملاق، رغم خروجه بشكل مهين من النسخة الحالية لدوري أبطال أوروبا بعد خسارته على ملعبه وبين جمهوره بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد أمام أياكس أمستردام الهولندي.

وقد كانت العشرة أيام الأخيرة قاسية للغاية على عُشّاق النادي الملكي، حيث جاءت الخسارة أمام أياكس بعد هزيمتين متتاليتين أمام الغريم التقليدي برشلونة في كأس ملك إسبانيا والدوري الإسباني الممتاز. وتشير تقارير الآن إلى أن المدير الفني الحالي للفريق، سانتياغو سولاري، سيُقال من منصبه، وسيكون البديل هو المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو. وفي هذه الأثناء، تتحدث تقارير أخرى عن تفاصيل المشادة القوية بين قائد الفريق سيرجيو راموس، ورئيس النادي فلورنتينو بيريز، في غرفة خلع الملابس بعد الخسارة المهينة أمام أياكس.

وفي إطار كل ذلك، يجب ألا ننسى أن نشيد بنادي أياكس أمستردام الذي قدم أداءً رائعاً وحقَّق نتيجة مستحقة تماماً. وفي الحقيقة، سيظل مشهد السقوط المدوي للاعبي ريال مدريد المخضرمين أمام جيل شاب وواعد لأياكس أمستردام محفوراً في الذاكرة لفترة طويلة.

لقد شعر جمهور الكرة بالمتعة وهو يشاهد ريال مدريد يخسر أمام أياكس أمستردام، ولماذا لا ينتابهم شعور كهذا ونحن نشاهد لاعبي نادي أياكس الشباب يلعبون بهذه الطريقة الرائعة، رغم أن إجمالي الإيرادات السنوية للنادي يقل عن 80 مليون جنيه إسترليني، لكنه تفوق على نادي يمكنه شراء مدينة أياكس أمستردام بأكملها بـ«ثلاث شعرات ذهبية فقط من كريستيانو رونالدو»؟!

وفي هذه المرحلة، يتعين على ريال مدريد أن يأخذ قسطاً من الراحة ويعمل على إعادة ترتيب الأوراق التي نُثر كثير منها خلال الفترة الأخيرة. ودعونا نستعرض الاتهامات التي توجه لريال ريال مدريد، والتي يأتي في مقدمتها أن الحظ قد لعب دوراً كبيراً في فوز الريال ببطولة دوري أبطال أوروبا أربع مرات في آخر خمس سنوات.

في البداية، يجب التأكيد على أن ما حققه ريال مدريد في هذه السنوات الخمسة الماضية يُعد إنجازاً رائعاً واستثنائياً، خصوصاً أن النادي الملكي قد تغلب خلال هذه الفترة على أندية عريقة، مثل يوفنتوس وبروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ وأتلتيكو مدريد. وسحق ريال مدريد بايرن ميونيخ برباعية نظيفة، رغم أن النادي الألماني كان حامل اللقب، وكان يضم سبعة لاعبين من القوام الأساسي لمنتخب ألمانيا، الذي حصل على لقب كأس العالم بالبرازيل 2014 بعد ذلك بثلاثة أشهر.

وفي عام 2017، كان ريال مدريد فريقاً لا يُقهر، ويكفي أن نعرف أنه سجل 20 هدفاً في الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا في هذا الموسم. وخلال العام الماضي، أطاح الريال بباريس سان جيرمان ويوفنتوس، قبل أن يحصل على لقب البطولة بعد الفوز على ليفربول في المباراة النهائية.

وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي نريده أكثر من ذلك من هذا الجيل الذي هيمن على كرة القدم الأوروبية على مدى خمس سنوات كاملة وحقق نجاحات استثنائية؟!

وهناك اتهام آخر للفريق بأنه يحقق الانتصارات بسبب موارده المالية الهائلة وتعاقده مع أبرز النجوم في كرة القدم العالمية. قد يكون هذا الأمر صحيحاً إلى حد ما، لكن يجب الإشارة أيضاً إلى أن تشكيلة ريال مدريد أمام أياكس أمستردام كانت تضمّ عدداً من اللاعبين الشباب الصاعدين من قطاع الناشئين يساوي عدد الشباب الصاعدين من ناشئي أياكس في تلك المباراة. كما يجب الإشارة إلى أن نادي ريال مدريد بموارده المالية الهائلة يضم في الفريق الأول لاعبين صاعدين من قطاع الناشئين بالنادي أكثر من اللاعبين الناشئين الذين يتم تصعديهم في أندية مثل مانشستر سيتي وليفربول ومانشستر يونايتد.

ويجب التأكيد أيضاً على أن ريال مدريد يُعد نموذجاً يحتذى بها في كيفية تصعيد اللاعبين الشباب ودعم الفريق بأبرز النجوم العالميين، والدليل على ذلك أن النادي الملكي ما زال يقود أندية الصفوة والنخبة في العالم منذ خمسينات القرن الماضي. وربما كان السبب في تكوين «فريق العظماء» في فترة ما يعود إلى شكل من أشكال الفساد بدعم من الدولة نفسها، لكن هذا لا يغير شيئاً من حقيقة أن ريال مدريد هو نادٍ (مثله في ذلك مثل أياكس أمستردام) مملوك لأعضائه، ويلعب من أجل تحقيق الفوز وإمتاع الجمهور، وليس لإثراء أطراف ثالثة أو العمل كأداة قوة ناعمة. وفي الحقيقة، لا يمكن تخيل كرة القدم دون ريال مدريد على الإطلاق.

ورغم أن قائد الفريق سيرجيو راموس يعد لاعباً مثيراً للجدل، فإنه في المقام الأول مدافع من الطراز الرفيع، وقد أضفى نوعاً من الإثارة والحماس على مباريات الفريق لا يقل عن الإثارة التي كنا نشعر بها بسبب المنافسة الشرسة بين نجمي الكرة العالمية كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.

ويجب التأكيد أيضاً على أن ريال مدريد ليس عدواً لكرة القدم، لكنه على العكس يُعدّ بمثابة سحر لا يقاوم في عالم الساحرة المستديرة. ومن المؤكد أننا بعد فترة من الآن سوف ننظر إلى الخلف ونتحدث بكل إعجاب وتقدير عن ذلك الفريق على الذي هيمن على كرة القدم الأوروبية على مدار خمس سنوات حصل خلالها على لقب دوري أبطال أوروبا أربع مرات.