أسباب الانتحار لدى الأطفال والمراهقين

24 أغسطس 2019آخر تحديث :
أسباب الانتحار لدى الأطفال والمراهقين

 تنشط من حين إلى آخر ظاهرة انتحار الأطفال والمراهقين بشكل لافت ما يطرح جملة تساؤلات عن الدوافع التي تؤّدي إلى ذلك، وتتعدّد الأسباب وتتنوع والنتيجة واحدة سقوط ضحايا أطفال كناّ نعوّل عليهم ليكونوا أمل المستقبل والغدّ.

الإعلامية ميسم صعب الاختصاصية في علم النفس العيادي أكّدت لـ”القدس العربي” أنّ 754 ضحية خسرت حياتها انتحاراً في لبنان، وأكدت وفقاً لإحصائيات مؤسسة “امبراس” غير الحكوميّة التي وضعت خطّا ساخناً للانتحار رقمه 1564 انه “يموت شخص كلّ يومين ونصف انتحاراً، وهناك شخص يحاول الانتحار كلّ ست ساعات، أما عدد الذكور الذين يموتون انتحاراً فهم ضعف عدد الإناث وهناك 16 في المئة من المراهقين بين عمر 13 و 16 سنة فكّروا في الانتحار”.

وأوضحت “أنّ لبنان شهد بين عامي 2012 و2016 ارتفاعاً بنسبة 17 في المئة في حالات الانتحار” لافتة إلى “أن الانتحار بالمسدّس هو الوسيلة الأكثر استخداماً، يليه الانتحار شنقاً ثم السقوط من مرتفع معيّن. أما سنة 2018 فشهد لبنان 148 حالة انتحار وهي ليست نسبة مرتفعة مقارنةً بالمملكة المتحدة التي تمثل النسبة الأكبر في أوروبا”.

ورأت “أنّ الأمراض العقليّة والنفسيّة تشكّل العامل الأساسيّ لانتحار الأطفال الذين هم دون سنّ الرشد” مشيرة في هذا السياق إلى “أنّ محاولات الانتحار هي المتنبئ القويّ بانتحار منفّذ، واحتماليّة المرور إلى التنفيذ يحّدد بماضٍ مليء بالإحباط واليأس والضغوط النفسيّة والعزلة والرفض، فضلاً عن إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤدّي إلى التنمّر والبلطجة فالاكتئاب، الأمر الذي يؤّسس لهشاشة الحالة العقليّة وبالتالي كثير من الحالات تقود إلى أفكار انتحارية”.

وأكّدت صعب “أنّ الأسباب الأكثر شيوعاً لحالات الانتحار في عمر المراهقة هي عديدة ومتنوعة ومنها: الإدمان والانحراف الجنسيّ والانتحار بالتقليد، وعامل الفراغ لما له من أهميّة بالغة في الانتحار، لانّ المنتحر لا يشغّل نفسه بعمل ما يفرّغ فيه طاقته وإبداعه بشكل إيجابيّ، فضلاً عن الاعتداء الجنسيّ في بيئة محافظة والمشاكل العاطفيّة وعدم تقبلّ الخسارة”.

 واعتبرت “أن الانتقام من المحيط يشّكل حافزاً للانتحار لدى الأطفال، الانتقام من الذين سببوّا لهم الشعور بالذنب، أو لأنهم فقدوا الثقة بالنفس والأهل، أو الهدف المستقبلي، والتفكك الأسريّ الذي يزيد من احتمالية الانتحار”.

وعليه فقد شددّت صعب “على وجوب التنبّه إلى طريقة عيش أطفالنا” مشيرة إلى “أنّ العديد من الأطفال والمراهقين ينتهجون أسلوب حياة باختيار موسيقى حزينة جداً أو قويّة جدّاً على السمع، وكلماتها تشجّع على التجربة وعلى أفكار كالقوّة النفسيّة التي تنتشر بينهم عند خوض غمار هذا المجد (قتل النفس)”. ولفتت الانتباه “إلى وجوب الحذر في بعض الأحيان من تصرّف الطفل الذي يظّل يضحك جدّاً ويضفي جوّاً من السرور لمن هم حوله ليفاجئ عائلته بإقدامه على الانتحار”.

وحذّرت “من مواقع التواصل الاجتماعي التي تشكّل الخطورة الأكبر في أيامنا هذه ولاسيّما لمن لا يتمتعون بالوعي المطلوب، لأنها تساهم في نشر الأخبار بشكل سريع وتلغي سلطة الأهل لتحّل مكانها الثورة على السائد والبحث عن نماذج للتماهي غير الأهل”.

 ولتجاوز ظاهرة الانتحار أكدت “ان الكلّ مسؤول بما فيه الدولة والمجتمع والأهل والمدرسة والطفل نفسه، وهناك الكثير من الجمعيات التي باتت معنيّة بالانتحار ووضعت خطّاً ساخناً للتبليغ عن أي مشكلة قبل فوات الأوان، فضلاً عن وجوب التواصل الدائم بين الأهل والأطفال والمعلمين وتقبّل الآخر المختلف، والتنبّه إلى أنّ كلّ رسالة من الطفل لها مدلولاتها” داعية “إلى وجوب الابتعاد عن كلّ عوامل الخطر المهدّدة وأبرزها: آلات حادّة، أدوية، مخدّرات، وأسلحة”.

واستشهدت صعب بمنظمة الصحة العالميّة التي أقرّت بالانتحار كأحد القضايا الصحيّة التي تحظى بالأولويّة ولفتت إلى “أنّ المنظمة هدفت من وراء أوّل تقرير لها نشرته في عام 2014 إلى زيادة الوعي وتعزيز استراتيجيات متكاملة للوقاية، كما ألزمت في برنامجها الذي أطلقته في عام 2008 الدول الأعضاء العمل من أجل تحقيق الهدف العالميّ المتعلّق بخفض معّدل الانتحار في العالم بنسبة 10 في المئة بحلول عام 2020”.

وأكّدت “أنّ الانتحار في ولاية أريزونا يشّكل السبب الثاني للموت لدى الأطفال والكبار حسب المركز الوطني للصحة العقليّة، في دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للجمعيّة الطبيّة، إذ تبيّن أنّ من ذهبوا إلى غرف الطوارئ وتتراوح أعمارهم بين 5 و18 سنة، ارتفع عددهم من 580.000 في عام 2007 إلى 1.12 مليون في عام 2015 الأمر الذي دفع المختصين بالدراسة إلى البحث عن المسببات وإيجاد الحلول المناسبة”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.