منذ أن تقدم لخطبتها ووافق عليه اهلها، وهناك أمر يؤرقها ويضج مضجعها، تستلقي على فراشها وعيناها لاتكفان عن النظر في الفراغ، ترى كل شيء على أنه فراغ ليس له نهاية، السقف والجدران والكتب والتلفاز والمرآة، كلها بحور وصحاري مقفرة فارغة من كل شيء تتجول فيها بعقلها ثم تعود بعد نهاية الرحلة بسؤال وحيد: هل أخبره بالأمر؟!.
كانت الحيرة عنوان وجهها طوال فترة الخطوبة، الشرود والنظر بعيدا عن عيني خطيبها طيلة الوقت، يحدثها لدقائق طويلة وفجأة يكتشف أنها كانت غير منتبهة وسابحة في عالم أخر حدوده الصمت.
بعد فترة بدأ يشعر بأن هناك شيء ما هو لايعرفه، في البداية ظن أنها ربما وافقت عليه مجبرة؛ لذلك تذهب معه وتجيء رغما عنها وذلك هو سبب عدم إهتمامها به وعدم تركيزها معه، ومن أجل أن يسترح قلبه سألها عن الأمر، فكان جوابها أنه لايوجد أي شيء، كل مافي الأمر أنها مشغولة بأمر الزواج.
جرت الأيام سريعا والحال لم يتغير كثيرا، هي تعيش حالة من الحيرة والقلق الشديد، وهو نبتت في قلبه بذرة من الشك تجاهها يغذيها صمتها ويرويها شرودها المتواصل أثناء تواجده معها، لكن بالرغم من ذلك تم الزواج.
بعد نهاية الزفاف، كانت العروس في أقصى حالات القلق، هي لا ترغب أن تبدأ حياتها معه وهي تخبأ هذا السر، فأستجمعت كل قواها وتماسكت، وقالت له قبل أن نبدأ حياتنا سويا، سوف أقص عليك أمرا، لأني لا أستطيع أن أخدعك وأنت صاحب القرار بعد ذلك.
تغير وجه العريس وسألها بنبرة صوت حادة ما الأمر؟ تحدثي. قالت: ” أنا تعرفت عليك عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعي قبل أن تجمعنا الصدفة ولا أعلم كيف تتقدم لخطبتي، تحدثنا طويلا وأنت أرسلت إلي صورتك لكني رفضت أن أرسل صورتي لك، وأقسم أني لم أفعلها مع غيرك، وإن كان حدث لم أتجاوز مع أحد ولم افعل شيئا أخجل منه”.
قالت ذلك وهي صادقة ، حتى لا يظن به الظنون ويرجع في يوم ما يعايرها بأنها كانت تعمل علاقات مع الشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعي، كما فعلت معه .
كان رد فعله غريبا بالنسبة لها، حيث أنفجر ضاحكا بهستيريا للحظات ثم سألها: أهذا هو الأمر الذي جعلك تعيشين في حيرة طوال فترة الخطوبة؟.
قالت نعم، وأخبرتك بعد أن خارت قواي ولم اعد قادرة على الكتمان.
فقال زوجها: هذا الأمر لايزعجني، وإن كان الذي فعلتيه خطأ فأنا أيضا حادثتك وأذكر أنه كان حديث أصدقاء، وأنا زاد احترامي لك بعد ماذكرتيه واستراح قلبي الذي كان خائفا من أن تكوني قد تزوجتيني مجبرة، دعينا نكمل حياتنا واتركي الماضي وشأنه.