هواية الصيد شائعة جداً في لبنان وبخاصة في منطقة البقاع، وكانت الحكومة اللبنانية عام 1996 قد منعتها بسبب الإبادة التي تتسبب بها بحق الطيور والضرر الذي يلحق بالثروة الحيوانية، لكن ما لبث أن تم تعديل قرار المنع بالتنظيم والإدارة الصحيحة لاصطياد أنواع معينة غير مهددة بالانقراض كالمطوق، والحجل، والبط وغيرها.
ويقدّر عدد الصيادين في لبنان بخمسمئة ألف، وهذا الرقم هو الأعلى في العالم مقارنة بعدد السكان، وتُنعش هذه الهواية الدورة الاقتصادية في المناطق الريفية، ويمارس الصيادون هوايتهم في ظل إجراءات تراوح ما بين المنع والترخيص وهم يطالبون بإقرار وتطبيق قانون واضح.
يذكر أن هناك أكثر من 400 نوع من الطيور يجري صيدها في لبنان بطريقة عشوائية، بينما المسموح به لا يتجاوز 16 نوعاً بحسب وزارة البيئة، ويؤدي الصيد غير المسؤول سنوياً إلى سقوط 400 شخص على الأقل بين قتيل وجريح.
وكان وزير البيئة ناصر ياسين ناقش مع وفد من جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) اسعد سرحال ومدير منظمة CABS الدولية لمكافحة ذبح الطيور اكسل خرشفيلد ورئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام MESHC ادونيس الخطيب ورئيسة وحدة مكافحة الصيد الجائر APU شيرين بو رفول، موضوع الصيد البري وحيثيات قرار تعليق الموسم، بشكل علمي وعملي، ومكافحة الصيد الجائر وأهمية مناطق الصيد المسؤول ودورها المهم اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً.
في المقابل، وعد ياسين الصيادين الذين التقاهم في مكتبه بالوزارة مطالبين بالرجوع عن قرار عدم فتح موسم الصيد لهذا العام، بإعادة النظر في القرار وقد يعلن الأسبوع المقبل افتتاح الموسم ضمن آلية ترعى الطبيعة والطيور والصيادين.
هواية الصيد مهددة!
ويقول الصيّاد قاسم ميتا إن “قرار منع الصيد يكون في موسم التزاوج فقط، وهذا معروف عالمياً، ولا يوجد بلد في العالم يصدر قرار منع الصيد بشكل نهائي، وفي هذا الوقت من كل عام يكون موسم هجرة الطيور عندما تنتهي فترة التزاوج ولا مانع من صيده لان لا شيء يضره، ونحن كصيادين ننتظر هذا الموسم والذي تبلغ مدته 45 يوماً بفارغ الصبر”.
ويضيف: “كانوا يسمحون لنا بالصيد من شهر آب حتى شهر كانون الثاني، وهذه الفترة لا تؤثر سلباً لا في الصياد ولا في الطيور من جهة التزاوج ووضع البيض، ولا يحق لوزير البيئة أن يمنع الصيد بشكل كُلي في لبنان هذا العام، ونعتبر هذا القرار تعسفيا بحقنا وغير نابع من أي حرص على البيئة وغيرها لأن الموسم معروف متى يبدأ ومتى ينتهي، والعام الماضي مشينا على مبدأ الترخيص للصياد بهدف تنظيم هذه الهواية ومضت الأمور على أحسن حال”.
ويشير إلى أنه “قد تم تحديد عدد معين للصيد يتراوح ما بين ٥٠ و١٠٠ طير لكل صيّاد، فما المشكلة لو بقينا على هذا القرار وخاصة في هذا الوضع الصعب الذي نعيشه، لماذا يريدون حرمان الصياد من ممارسة هوايته الموسمية ولو بشكل قانوني من خلال رخصة نقل وحيازة السلاح ورخصة صيد من وزارة البيئة”.
محال الخرطوش أقفلت أبوابها
من جهته، يرى أبو غصوب صاحب محل لبيع أدوات الصيد ولوازمه أن “نسبة مبيع الخرطوش تراجعت بما يفوق 70% مما كنا عليه قبل عام 2019، والوضع الصعب يتفاقم مع تفاقم الوضع الاقتصادي وعدم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الليرة، كان الصياد يأتي لشراء صندوق خرطوش مع أغراض أخرى خاصة بالصيد وتبلغ كلفتها 100 دولار ما قيمته 150 ألف ليرة، اليوم الكلفة ما زالت نفسها لكن قيمتها على اللبناني أصبحت أضعاف ما كانت عليه ولم يعد هناك قدرة على شرائها، والاسعار ارتفعت 12%”.
وعن مدى تأثير الأزمة الاقتصادية في هواية الصيد يقول: “أفكر بشكل جدّي في إقفال مصلحتي لأنها ما عم بتوفي معي، فالصياد الذي كان يشتري 5 صناديق خرطوش كل شهر، أصبح يشتري صندوقين في أحسن الأحوال، ومنهم من امتنع عن ممارسة هذه الهواية بسبب صعوبة الأوضاع، والإقبال على الصيد تراجع بشكل كبير، وأهم واكبر محال بيع لوازم الصيد المعروفة في لبنان هي رميا وعاصي، الأول أقفل والثاني بدأ إفراغ محله تمهيداً لإقفاله”.
ويختم متمنياً على وزير البيئة أن ينظر إلى حالهم ويراعي ظروفهم، ويُبقي على هذه الهواية المشهورة جداً في منطقة البقاع، من خلال تنظيم الصيد بعدة قرارات يمكن أن تتخذها الوزارة، منها الإبقاء على التراخيص، وتخصيص محمية للصيد.
باتت هواية الصيد مهددة في لبنان، وفي حال وضع لبنان قوانين تنظيم الصيد موضع التنفيذ، فإنه سيحتاج إلى عقدين من الزمن على الأقل لإعادة التوازن إلى بيئته. فهل سيتراجع وزير البيئة عن قراره في الأيام المقبلة؟ وما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها الوزارة في حال تعديل القرار؟!