مع التطور التكنولوجي الواسع، ارتفعت أعداد المواقع الالكترونية وزاد معها تواصل الناس في ما بينهم. لكن قد لا يكون هذا سليماً، فأثناء تعارفك الى شخص ما، قد يتحوّل الى مبتز، فيخترق حسابك ويسحب بياناتك الشخصية أو يطلب صورا غير لائقة تحت التهديد، وهذا ما يسمّى بالجرائم السيبرانية.
ومن المعروف أنّ النساء يشكلن النسبة الأكبر من المتعرضين للتهديدات والابتزازات على المواقع الالكترونية، باعتبار أنهن الحلقة الأضعف.
ومع تصاعد هذه الحالات، أطلق الأمن السيبراني منذ عدّة سنوات، شهراً عالمياً لتوعية الأفراد. ويعرّف المحامي محمد أسد صفصوف أنّ الأمن السيبراني هو المركّب المعقد من كل الوسائل التقنية وكل الأدوات التي من الممكن استخدامها للغايات الآتية: الحماية من الدخول غير المرخص أي حتى لا يصبح هناك استغلال في أي مرحلة، بقاء المعلومات الالكترونية والبيانات ونظم الاتصالات في مكان آمن ومستمرة ومتوافرة.
أمّا الأمن السيبراني في لبنان فهو جزء لا يتجزأ من الامن بشكل عام، ولا يتجزأ لهشاشة الوضع في بلدنا شئنا أم أبينا.
لكنه اليوم بحاجة لتضافر الجهود، فلغاية تاريخه ليس لدينا أي مرفق عام أو وزارة أو هيئة حكومية تراعي ذلك الأمن.
حملة أساسية لرفع الوعي
تفيد مصادر أمنية “لبنان الكبير” بأنّنا “في الشهر العالمي للأمن السيبراني ولمكافحة الجرائم السيبرانية، وبالتالي من المهم أن نذكّر بها لأنّها من أكبر وأخطر الجرائم التي تحدث في العالم.
وقد بدأنا بإطلاق حملة منذ الشهر الماضي بمناسبة شهر التوعية حول الأمن السيبراني والاجراءات الواجب اتباعها للحماية من الجرائم الالكترونية، من خلال فيديو يعرض بعض الاحصاءات في سنة 2020 التي تشير الى أنّ نسبة ضحايا الابتزاز الالكتروني تبلغ 75% للنساء، 88% راشدين و12% قاصرين. وسنطلق عدّة فيديوات أخرى توضح كيف يحمي الناس أنفسهم وكيفية التعامل مع الآخرين، وكيفية حماية الأجهزة الالكترونية”.
وتوضح المصادر: “جرائم الابتزاز ارتفعت في السنوات الماضية، بخاصة في فترة الحجر المنزلي أثناء فيروس كورونا.
فهذه الجرائم الالكترونية من أخطر الجرائم على صعيد لبنان والعالم، ويمكن الاستعانة بها لجرائم مالية وتجارة المخدرات، وأخطرها في لبنان هي جرائم الابتزاز الجنسي على صعيد الراشدين والقاصرين. خطورتها أنّ المجرم يكون محترفاً ولديه عشرات بل مئات الضحايا.
ويمكن شخصاً أن يسرق مرةً في الأسبوع، فالجرائم الأخرى أصعب وأقل كثافة، بينما الشخص الجالس في غرفته يستطيع إيقاع المئات من الضحايا بلحظات”.
ولا يخلو الأمر من دور للأمن في الحفاظ على سلامة المواطن، فتقول المصادر: “اليوم دورنا أن نوضح كيف يحمي الناس أنفسهم من الوقوع في هذا الفخ، وهي حملة اساسية نرفع فيها الوعي في المجتمع.
فيكفينا جرائم ويكفي الناس مخاطر.
وهناك مكتب متخصص ومحترف في قوى الامن الداخلي، هو مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية يلاحق المجرمين ويوقفهم.
ويمكن التواصل معه على الرقم 01293293 للاستشارة والمساعدة أو على الرابط www.isf@isf.gov.lb أو ارسال SMS”.
وهناك طرق عديدة للملاحقة والحماية التي يمكن للضحية اتباعها اذ تقول المصادر: “أولاً عدم الخضوع للمبتز، ثانياً التقدم بشكوى للنيابة العامة، أو ممكن التحدث مع خدمة بلّغ على موقع قوى الأمن الداخلي 112. ويجب عدم التردد أبداً في التبليغ حتى نقف الى جانب الضحية ونساعدها، وبالتالي يجب منذ البداية الوقوف في وجه المبتز بهدوء وعدم الخضوع له”.
المطلوب توعية قانونية وفكرية واجتماعية
من جهته، يشرح المحامي محمد أسد صفصوف عن الأمن السيبراني: “اللافت في الموضوع أن ليس هناك أي تشريع خاص محدد وواضح المعالم في ما يتعلق بالأمن السيبراني، حصراً لا يوجد قانون للفضاء السيبراني.
يوجد مواد قانونية مبعثرة هنا وهناك، مثل قانون المعاملات الالكترونية الذي يشير في طيّاته الى الدخول غير المرخص وعن استغلال القاصرين بالمواد المخلة للآداب”.
ويضيف: “استناداً لـ General Data Protection Regulation (GDPR) الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي يحمي البيانات ومعالجتها والوصول اليها، نحن ما زلنا بعيدين من كل ذلك.
يجب أن يصبح هناك تشابك وتضافر للجهود بين القطاعين العام والخاص، من أجل إنشاء هيئة ناظمة لهذه المواضيع.
البارحة كان المجرم يحمل سكينة ويسرق ويقتل، اليوم المجرم يرتدي ربطة عنق ويجلس خلف حاسوبه ويقوم بسرقة بيانات الناس.
وهناك مثل شهير يقول: الذي يملك المعلومات يملك القوة”.
وفي ما يتعلق بقوانين أو عقوبات الجرائم الالكترونية يقول صفصوف: “القانون 81 الصادر عام 2018، يتحدّث بشكل سريع عن العقوبات، ففي الباب السادس يتحدث عن الجرائم المتعلقة بالانظمة والبيانات المعلوماتية والبطاقات المصرفية والتعديلات على قانون العقوبات والقواعد الاجرائية المتعلقة بالادلة المعلوماتية وحفظها.
في المواد 110 و111 و112 حتى الاخيرة، يتحدث عن الولوج غير المشروع الى النظام المعلوماتي، وعن التعدي على سلامة النظام وعلى سلامة البيانات الرقمية، وعن الاعاقة او التشويش وعن استخدام القصار في ما يتعلق بالمواد المخلة او الاباحية.
ولكن لا يوجد بعد مراسيم تنظيمية من أجل القانون 81”.
إضافةً الى ذلك، يقول: “يمكن أن نقوم بتكييف لجرائم الابتزاز استنادا للمواد 469 من قانون العقوبات وما يليها، التي تتعلق بانتحال الهوية بهدف الاحتيال أو الاساءة للسمعة والتشهير.
أيضاً المادة 650 متعلقة بالتهديد والابتزاز مثل فضح المعلومات او الاستحصال عليها عبر الانترنت وابتزاز الشخص الآخر.
والجريمة تختلف في ما اذا كانت جناية او جنحة، وتختلف من حيث العقوبات بين القاصر والبالغ”.
ويختم صفصوف: “مشكورة قوى الأمن الداخلي وقسم جرائم المعلوماتية المسؤول عن هذه الأمور، لأنّها تقوم بالمداهمات ووضعت رابطاً لأي شخص يتم ابتزازه حتى يتم التواصل معه.
وبدأت تعمم قدر المستطاع ثقافة الثقة والاطمئنان وأن يتوجه الجميع للقوى الأمنية المتخصصة.
لكن المطلوب في لبنان، أن يكون هناك مرفق عام منوط بهذه المواضيع، وأن يكون هناك توعية قانونية وفكرية واجتماعية عن أهمية المخاطر وقوانين واضحة ومراسيم تنظيمية لأن الابتزاز ليس مزحة”.