تطبيق الدستور لا اسقاطه

8 ديسمبر 2018
beirut News

يحق لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون التوجه برسالة الى مجلس النواب، عارضا واقع الحال الحكومي المتعثر، فهذا حق كفله له الدستور، ولكن ان يسحب مجلس النواب التكليف من الرئيس سعد الحريري، والانطلاق الى استشارات جديدة لتكليف غيره او تجديد تكليفه، فهذا غير ممكن دستوريا وسياسيا.

الحديث عن سحب التكليف نقل عن فخامة الرئيس ولم نقرأه في اي من بيانات اعلام الرئاسة الذي أكد لاحقا أنه «غير دقيق»، فمن يقف خلفه؟

صحيح أن «الوضع لم يعد يحتمل ولا يمكن البقاء على هذا المنوال»، وان البلد على حافة الانهيار، وهو اليوم في حالة موت سريري اقتصاديا وماليا، وصحيح ايضا أن التهديد الاسرائيلي بحرب، جدي وحقيقي. كل اللبنانيين يعرفون ذلك، وعيونهم شاخصة الى اهل الحكم كي يجدوا مخرجا لأزمة التشكيل، فلا اجتماع طارئا للحكومة المستقيلة ينفع، ولا ترك الوطن من دون ادارة سياسية فاعلة يجدي.

ازمة تشكيل الحكومة لا تنتهي الا بتأليفها، والذي لا يمكن أن يتم الا وفقا للدستور.

يمكن لمؤسسة دستورية أن تتعطل لفترة من الزمن: حدث هذا في مؤسسة رئاسة الجمهورية، وحدث ويحدث الآن في الحكومة، كما حدث سابقا لمجلس النواب، لاسباب سياسية بحتة، ولكن لا يمكن باي حال من الاحوال ان نخرق او نعطل او نعلق الدستور، لانه الناظم لحياة وعمل الدولة، مهما تمادى سياسيون واحزاب في استهدافه.

هذا ليس دفاعا اعمى عن دستور الطائف، بل هو دفاع عن الكتاب الذي يقرأه جميع اللبنانيين، وهو بنظر كثيرين يحتاج الى تعديل وتحسين. وهذا صحيح، ولكن لماذا لا تطفو على السطح النوايا المبيتة لاسقاط اتفاق الطائف الا في زمن الازمات.

نعرف ان رئيس الجمهورية هو الحامي الاول للدستور، وهو المؤتمن على حسن تطبيقه، ونجزم انه لم ولن يتخلف عن هذا الدور. ولا يراهنن أحد على تخلي الرئيس العماد ميشال عون عن هذا الواجب المقدس.

أما في السياسة فان توازنات المرحلة افضت الى التركيبة الرئاسية الثلاثية الحالية، ومن يحاول اللعب بها يغامر بإدخال البلد في النفق المظلم، وبما ان الحديث عن الانفاق «دارج» هذه الايام، فان النفق الاخطر الذي يمكن ان نتورط فيه، هو نفق اسقاط الدستور.

دستور الطائف بحاجة الى نفضة، لأن فيه الكثير من التوازنات الطائفية الدقيقة التي تشترط التوافق السياسي، فاذا غاب هذا التوافق تتعطل المؤسسات الدستورية.

هذا هو حال النظام الطائفي في بلدنا، فاذا اردنا التغيير يمكن البدء من دستور الطائف نفسه، بتطبيقه كاملا، وأبرز ما فيه ان يشكل رئيس الجمهورية الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية.