تفاؤل “غير مبرر” بشأن تشكيل الحكومة لطمأنة المجتمع الدولي

16 ديسمبر 2018
beirut News
دخل لبنان مرحلة جديدة من التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة، مع أنها ليست المرة الأولى التي يشيع فيها جو مشابه. وعلى مدار الأشهر الثمانية من عمر محاولات التأليف، حدد رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، مواعيد لتشكيل الحكومة، لكنها مضت من دون أن ترى النور، على الرغم من التحديات الضاغطة التي تتطلب تأليفاً سريعاً.

الفارق هذه المرة أن التفاؤل لا يستند إلى أي أسباب موجبة، أو على الأقل المشهد لا يشبه المرات السابقة عندما قدم بعضهم تنازلات أساسية سمحت ببناء تفاؤل عليها، قبل أن تخرج عقد جديدة أعادت الحريري إلى المربع الأول ونسفت جهوده.

وقال الحريري من لندن اليوم الخميس: “نحن في الأمتار الأخيرة قبل التشكيل”، وذلك بعد ساعات من اللقاء مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وكذلك بعد ساعات من تصريح رئيس الجمهورية ميشال عون وتأكيده أنه يسعى جاهداً لوضع حد للاختلافات حول الحكومة بين الأطراف السياسية.

وبين حركة قصر الرئاسة في بعبدا، الذي شهد مؤخراً لقاءات مع المعنيين بالعقدة الحكومية، وبين لندن التي احتضنت لقاء باسيل– الحريري، بني التفاؤل الحكومي على الرغم من أن مصادر مطلعة على مسار التأليف تؤكد لـ”العربي الجديد” أنه حتى الساعة لم يخرج إلى العلن أي موقف يشير إلى أن تنازل قد يبنى عليه لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة، خصوصاً أن الفترة الأخيرة شهدت عودة إلى مربع البحث في شكل الحكومة وعدد وزرائها، وإمكانية رفعها أكثر من 30 أو خفض العدد إلى أقل من عشرين.

وعلى الرغم من تأكيدات المصادر أن أي طرف من الأطراف المعنية بالعقدة لم يقدم بعد أي تنازل جوهري، إلا أنها لا تخفي إمكانية أن تكون حركة بعبدا تخفي “أرنباً حكومياً”، بحسب المصادر، خصوصاً أن الاتصالات واللقاءات تتواصل خلف الكواليس بغية إنضاج الجو العام، والتوافق على مخرجات تؤدي إلى حلحلة العقدة.

ولم تستبعد المصادر أن يكون الحل المنشود وفق قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، بمعنى أن يقدم الجميع تنازلات في هذا الملف، وبالتالي خروج الجميع منتصراً، وذلك عبر تنازل “التيار الوطني الحر” عن مقعد سني من حصته الحكومية التي تضم 11 مقعداً، فيكون “التيار” تنازل بذلك عما يسمى بالثلث المعطل حكومياً، مقابل أن يتم تعيين شخصية مقربة من النواب السنة الستة المحسوبين على “حزب الله” وزيرا، وعليه يكون الحزب والنواب السنة تنازلوا عن شرط تعيين أحدهم، وبالتالي يكون الحريري قد نفذ ما صرح به لجهة رفض تعيين أحد من النواب السنة، لكنه في المقابل قبل تعيين أحد المقربين منهم.

وعلى الرغم من هذا السيناريو، إلا أن كل المعطيات تشير إلى أن أحداً من الأطراف الثلاثة غير مستعد للتنازل، خصوصاً أن باسيل كان واضحاً عندما أعلن من لندن أن تمسكه بـ11 وزيراً لا ينبع من سعي إلى الحصول على الثلث المعطل، وأن هذا من حق تكتله النيابي، كما أن النواب السنّة الستة كانوا قد صرحوا من قصر بعبدا بأنهم على موقفهم الداعي إلى استوزار أحدهم.

وحتى تصريحات الحريري الإيجابية من لندن يضعها بعضهم في خانة تطمين المجتمع الدولي، الذي بات يرسل رسائل واضحة إلى الداخل اللبناني مستاءة من تأخير التأليف الحكومي، ومهددة بعدم القدرة على تنفيذ مخرجات مؤتمر “سيدر”، الذي يعول عليه الحريري وعون لإنقاذ البلد اقتصادياً من الحالة السلبية السائدة، والتي تنذر بالانهيار، خصوصاً أنه خصص جزءاً من حديثه في لندن لمؤتمر “سيدر”، محاولا تأكيد التزام لبنان بالإصلاحات التي طالب بها المؤتمر.