حزب الله يستشعر خطراً من جبران باسيل “الأميركي”

29 يناير 2019
حزب الله يستشعر خطراً من جبران باسيل “الأميركي”

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/beirutnews/public_html/wp-content/themes/newsbt/includes/general.php on line 742
beirut News
[author title=”منير الربيع صحافي لبناني” image=”https://www.almodon.com/file/getimagecustom/c5b89659-6fe4-4f7f-ad78-39d3329edb56/104/118″][/author]
خلال مشاركته في مؤتمر دافوس، وفي لقاء مع محطة “سي. أن. أن” الأميركية، أطلق الوزير جبران باسيل موقفاً إشكالياً جديداً، استدعى ردوداً لبنانية عديدة من قبل بيئة المقاومة. إذ اعتبر باسيل أن لبنان لا يعتدي على إسرائيل وهي التي تعتدي عليه، مقرّاً بحقها في الأمان وضمان أمن حدودها.

إدارة التناقضات
بلا شك، مضمون هذا الكلام الصريح ينطوي على أبعاد بالغة الحساسية. وهو يمثّل جرأة لم يقربها أي مسؤول لبناني، ولا حتى يفكر على الإقدام نحوها واحد منهم. فلو أطلق هذا الموقف أحد خصوم حزب الله، لكانت هبّت عاصفة هوجاء عليه، قد تودي به إلى تهمة الخيانة، أو لربما تمت إحالته على المحاكمة.

لكن باسيل يعرف كيف يمر بين تفاصيل الأمور وعمومياتها. ويسعى إلى لعب دور لا يخسر فيه حلفاء الداخل، ولا أصدقاء الخارج، ولا حتى الخصوم.

المسار السياسي الذي يطمح وزير الخارجية إلى تتويجه في مسيرته، يقتضي إبقاء علاقته جيدة بحزب الله وبحلفائه في لبنان، وبإيران وبسوريا في المنطقة، من دون التخلي بالمقابل عن تعزيز علاقاته الخارجية وتعزيز عناصر الثقة به، من قبل المجتمع الدولي. لذلك، يظهر وكأنه يطلق مواقف متناقضة، يحسن تبريرها، ويجيد كيفية الخروج من أي مأزق يعترضه.

مرّت علاقة رئيس التيار الوطني الحرّ بحزب الله في ظروف معقّدة. لكن الحزب بقي حريصاً على تبديد كل الخلافات، نزولاً عند الحسابات الاستراتيجية. وهذه المعادلة طمّعت باسيل إلى أقصى الحدود في الداخل. حتى وصل الأمر بالبعض إلى توصيف العلاقة وكأن الاستراتيجيا لحزب الله، والسياسة الداخلية ومكتسباتها لباسيل. وهناك من يتحدّث عن إعادة تجديد هذه المعادلة، على الرغم من الاختلاف الأخير حول تشكيل الحكومة. وفيما لا يريد حزب الله الدخول في إشكال مع التيار الوطني الحرّ، تبقى لديه القدرة على المناورة عبر حلفاء الحزب، الذين يعارضون حصول باسيل على الثلث المعطل، ويواجهونه حكومياً.

في الوصول إلى الرئاسة
كان حزب الله يغضّ النظر حول بعض الاختلافات والمشاكل التي تواجه علاقته مع باسيل. بدأت مسيرة تزعزع الثقة منذ إطلالته على قناة الميادين، وتصريحه حول عدم وجود خلاف أيديولوجي مع اسرائيل. واستكملت مؤخراً في تصريحه لقناة “سي. أن. أن”، وما بينهما من مواقف هامسة، منها كان في لقاءات مغلقة مع الأميركيين. وهذا خصوصاً في ما يتعلّق بملف العقوبات، والتهديد الأميركي، الذي ضغط على باسيل في هذا المجال، حين تم التلويح بأن العقوبات قد تشمل حلفاء الحزب، ما دفعه إلى اتخاذ مواقف متمايزة.

يعرف حزب الله أن باسيل يجيد اللعب على الكلام، خصوصاً مع الأميركيين والمجتمع الدولي، وانه يحرص على تقديم أوراق اعتماده، وهو مهجوس بطموح الوصول إلى رئاسة الجمهورية. وهذا ما يفرض عليه الموازنة بين مختلف التناقضات. من فرط استشعار تلاعب باسيل على أكثر من حبل، ثمة من يخرج بخلاصة أنه لا يمكن السير بدعمه لرئاسة الجمهورية، حتى أن بعض المؤشرات بدأت تظهر في أوساط حلفاء الحزب، تهمس بأنه لا يمكن دعم باسيل في معركته الرئاسية.

بين “أمل” و”حزب الله”
حاول باسيل أكثر من مرّة اللعب على وتر التناقض بينه وبين حركة أمل، في مسعى منه لاستمالة الحزب إلى جانبه، وإبعاده عن الحركة. لكن القرار واضح واستراتيجي في إعلاء التحالف مع الحركة، وتقديمه على التحالف مع التيار، في لحظة الفصل بين الطرفين. وإن كان الحزب، مبدئياً، يحرص على الموازنة بين الطرفين. ويصل الأمر في بعض المتابعين للقول أن الخلافات التي تبرز بين أمل والتيار، ويتخذ فيها الرئيس نبيه بري مواقف حادة تجاه باسيل، ما هي إلا جزء من توزيع الأدوار بين الحزب والحركة. خصوصاً أن هناك اتفاقاً استراتيجياً بين حزب الله وحركة أمل منذ العام 1992، حول توحيد هذه الجبهة والتنسيق في كل الملفات. صحيح أن تلك الفترة شهدت تلاعباً من قبل النظام السوري على خط هذه العلاقة لخلق مشاكل بينهما، تجلّت في الإنتخابات النيابية والبلدية، إلا أن العلاقة عادت وتعمّدت وتعمّقت في العام 2004.

داخل حزب الله وبيئته، لا يجد باسيل من يحّبه أو يودّه. حتّى على صعيد اللقاءات السياسية لا يتحمّس مسؤولو الحزب إلى عقد اللقاءات معه، بسبب عدم وجود كيمياء بينهم وبينه. لكن الحزب لا يتعاطى وفق العواطف، والأمين العام السيد حسن نصر الله، يحرص دائماً على تبريد الأجواء تحت راية: “يبقى صهر الجنرال – الرئيس”. فلا بد من مراعاته وعدم الدخول في خلاف معه.

موازنة التناقضات هذه، يستمّر باسيل في التفاعل معها، خصوصاً عبر طرح إعادة التطبيع مع النظام السوري، وإبداء الاستعداد لإجراء زيارة رسمية وعلنية إلى سوريا، كما من خلال مواقفه التي أطلقها في القمة العربية الاقتصادية حول وجوب إعادة النظام إلى الجامعة العربية.

وهذا سياق يهدف منه باسيل إعادة تعزيز أوراقه سورياً، لهدفين سياسي (الرئاسة) ومالي (مشاريع إعادة الإعمار).

تهميش دور المقاومة!
لا يفصل البعض كل هذه الحسابات لباسيل عن الكلام الذي جرى تسريبه حول الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع، والذي يدفع البعض إلى اعتبار أن باسيل يرتبط بالتزامات سياسية معينة تجاه الأميركيين والغرب، تهدف أولاً إلى تهميش دور المقاومة في الجنوب، في معرض الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية المتجلية بتشييد الجدار العازل، والخلاف حول بعض النقاط، لا سيما أن التسريبات حول المداولات، وحصر مهمة الردّ بيد الجيش من دون الإشارة إلى”المقاومة”، ينطوي على إيصال رسالة للأميركيين حول حقيقة موقف رئيس الجمهورية وباسيل، في إستجابتهما للضغوط الأميركية، ومحاولتهما سحب المظلة الشرعية عن الحزب. كما أن هذا لا يمكن فصله عن إصرار باسيل والحريري على التوافق الضمني بينهما، إنسجاماً مع النظرة الأميركية، لفصل ترسيم الحدود البرية عن البحرية، بخلاف ما يريده حزب الله وحركة أمل. وهذه، بلا شك سيكون لها تداعيات في السياسة، لا بد أن تدفع الأمور إلى رد فعل مدروس، خصوصاً عبر استعادة الحزب لباسيل، وعدم تركه مغرّداً خارج سربه ومتمادياً في انسجامه مع الضغط الأميركي وحساباته العربية والدولية، التي لا يمكن تغطيتها بادعاءات إيجابية تجاه النظام السوري.

ولكن بخلاف كل هذه المداولات والتحليلات، يجزم نصر الله بأن العلاقة مع التيار الوطني الحرّ جيدة وممتازة، بمعزل عن الإختلاف في بعض التوجهات. وغالباً ما يعود نصر الله إلى الدفاع عن العلاقة مع التيار، “أمام من يناقشونه بالأمر”، على حدّ قوله، إلى وثائق ويكيليكس التي لم تظهر أن باسيل أو عون قد أطلقا مواقف سرّية مغايرة للمواقف العلنية. هذا الكلام، يعطي مؤشراً من قبل نصر الله، على ثقة الحزب بالقدرة على استعادة باسيل في أي لحظة شطط، أو أكثر من ذلك، في الوثوق به، والإستثمار بأي موقف دولي أو خارجي يتخذه. حتى وإن كان معنوياً يبدو سيئاً، خصوصاً فيما يخص الملف الأميركي الإسرائيلي، لأن بعض التكتيك قد يقتضي ذلك.