لزحف الروسي الى لبنان

31 يناير 2019
لزحف الروسي الى لبنان

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/beirutnews/public_html/wp-content/themes/newsbt/includes/general.php on line 742
beirut news
لم يكن تعليق الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط على توقيع وزارة الطاقة اللبنانية اتفاقاً مع شركة “روسنيفت” الحكومية الروسية، عبثياً أو خارج السياق.

في كتاب للمؤرخ البريطاني جيمس بار عن اتفاق سايكس-بيكو، ذكر جنبلاط، اتفق البريطانيون والفرنسيون على خط النفط (كركوك-طرابلس وكركوك حيفا). واليوم مع صفقة “روسنيفت” في طرابلس، وغداً البصرة بانياس، يُمثل ظريف-لافروف عنواناً للشرق الأوسط الجديد “وما نحن إلا سماسرة”. جنبلاط نفسه سبق أن وصف في لحظة صراحة خلال ثمانينات القرن الماضي، قادة الميليشيات حينها – دون أن يستثني نفسه- بأنهم “مجرمو حرب” يستحقون المحاكمة، فعلها مرة ثانية. مجرمو الأمس هم سماسرة اليوم.

ذلك أن سلوك “السمسرة” لدى الطبقة السياسية اللبنانية، يُعجّل نفوذاً روسياً وسورياً أيضاً بالإمكان تأخيره. ومن عجائب الأمور أن الإتفاق الأخير جاء في خضم أزمات التعطيل والتأجيل المتلاحقة في الملف الحكومي وما عداه، وهي بالتالي تعود بنا بالذاكرة الى مرحلة الوصاية السورية. حينها كانت الاتفاقات المشتركة بين لبنان وسوريا، والشؤون ذات الاهتمام الأسدي، تسير مثل قطار سويسري، فيما يحكم التعطيل وخلافات الترويكا كل ما عداها. أو وفقاً للقاعدة الجنبلاطية أعلاه، في زمن السمسرة، لن تتوقف مصالح الدول، بخلاف مصالحنا الوطنية.

ولهذا تداعيات جمّة علينا هذا العام. مثل هذه الأيام في العام الماضي، دخلت شركة “نوفوتك” الروسية ضمن كونسورتيوم يضم إيني الإيطالي وتوتال الفرنسية، سوق اكتشاف الغاز واستخراجه لاحقاً. وحقيقة أننا، بعد عام على الاتفاق الأول، نشهد صفقة جديدة في هذا القطاع، تؤشر إلى مسار الأمور في هذا البلد. بعد الإتفاق العام الماضي، وقع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفديف اتفاق التعاون العسكري اللبناني-الروسي، ثم أحاله الى وزارة الدفاع الروسية لتأمين التوقيع اللبناني. وفعلاً، تمكنت روسيا وحلفاؤها المحليون من ممارسة ضغوط كافية لوضع الاتفاق على أجندة اجتماع للحكومة اللبنانية. حينها مارست واشنطن ضغوطاً لم تخل من تهديدات مبطنة، من أجل منع الحكومة من توقيع الإتفاق، وهو ما حصل بالفعل.

رغم النتيجة السلبية للمحاولة، لم تيأس موسكو، الأرجح لأن الروس باقون في المنطقة (سوريا) لعقود، ولديهم متسع من الوقت لتحقيق مكاسب. ولكنه لم يتأخروا كثيراً في امتحان الطبقة السياسية ومناعتها حيال الضغوط الأميركية، فكشفوا عن منحة ذخائر للجيش اللبناني، أحالها رئيس الوزراء سعد الحريري إلى قوى الأمن الداخلي.

العام كان حافلاً على الصعيد السياسي. عدد الزيارات اللبنانية الى روسيا فاق أي سنة في تاريخ هذا البلد. حتى إبان الحرب الباردة، لم يزر السياسيون اللبنانيون موسكو كما فعلوا عام 2018. روسيا كافأت “أصدقاءها” في لبنان. رأينا ميداليات على صدور شخصيات حزبية في التيار الوطني الحر والمستقبل وفي فلك غيرهما. كانت هناك مبادرة لحل قضية اللاجئين ما زالت قائمة اليوم، كما افادنا السفير الروسي ألكسندر زاسبيكن أخيراً.

حتى على الصعيد الثقافي، لم يكن العام الماضي عادياً. 7 مراكز ثقافية روسية في عام واحد. أليس ذلك لافتاً؟ هناك إصرار روسي لا يُشبهه أي حراك سياسي اقليمي آخر، والأرجح أن في بلد مثل لبنان، يحكمه “سماسرة”، لن تصمد الدولة كثيراً. روزنيفت الروسية افتتحت العام الجديد باتفاق، والزحف متواصل من داخل لبنان، ومن سوريا إذا تطلب الأمر.