خاص : إرتدادات جريمة 14 شباط 2005،

13 فبراير 2019
خاص : إرتدادات جريمة 14 شباط 2005،
beirut News

[author title=”نعمت الرفاعي | خاص بيروت نيوز” image=””][/author]

لعل ١٤ شباط كان يوم عادي للكثيرين قبل أن يتحول رمزا للدم، الدم الذي ثار وأصبح بركانا بشريا وأصبح ثورة بحجم الأرز، بحجم الوطن..
فكلمة اغتيال(قبل تاريخ 14شباط 2005) ومعناها لم تصل إلى أذهان كثيرين من أطفالنا في أواخر حقبة الثمانينات، ولعل كل أطفال لبنان، عاشوا مرحلة من الراحة النفسية حين كان يقال اختفت أزمنة الاغتيالات، أو حتى حين يذكر سياسي قد اغتيل بعد ذلك….
فالأخبار لم تأت أحيانًا بمصطلحات يتقنها أطفال جيلنا آنذاك، جل ما عرفناه أنه مات بعض السياسيين…. “كالشيء المجهول” حين كانت تعبر الأخبار حينا بين جريدة وتلفاز وإذاعة، ولكن لم نكتشفها قط… قبل اغتيال الوطن في ريعان شبابه، في ريعان الإصلاح والإعمار. واغتيل الرفيق، ليخسر الوطن رفيق العلم والطفل والحجر، رفيق للشباب والعوائل الفقيرة.. وخسر لبنان الإنسان.
أما أهم الأشياء التي لا تنسى مشهد الأطفال الذين يرددون اسم ذلك الإنسان حتى في ألعابهم، لعل الكثير منهم كانوا يتقنون فن استماع الخبر ليعرفوا ما هي انجازات رئيسهم الجديد، ليس من زوال الأبنية التي تحتفظ بمشاهد الحرب فقط في المدينة الكبيرة، حتى أولئك الأطفال يعيشون حتى في القرى النائية البعيدة عن رؤية الانجازات أو حتى عاجزون عن رؤيته حقيقة..
فذلك الإنسان أتى منقذا للوطن، لإعادة الإعمار، لحياة الشباب، حاملاً لشعار للموت جوعا وذلا…. فكان الموت بانتظاره ليفتح بعد ذلك باب الموت لأكثر الشباب تهجيرا وفقرا وجوعا وانتكاسة…
وبعد أن جاء ذلك الإنسان بنجاحاته المتتالية
حين ذاع صيته ليأتي بمنصب رئيس حكومة سنة ١٩٩٢ ممثلا الطائفة السنية التي دعمته في كل الوطن من رأسه إلى أخمصه ليكون على عرشها دون أي منافس يستطيع قهره أو ردعه، أو الإتيان بأي قوة قادرة على قهقرته عند كل امتياز انتخابي. ولكن بموت الرفيق لم
يكن بالحسبان لأجندة فرقة الخصم أن بموت رفيق الحريري، سيأتي ولي لعهده، وأنه بموت الرفيق سينهار الوطن.
لعل قصص توريث الحريري هي من أغرب قصص التوريث عبر التاريخ، لأن التوريث كان مطلبًا وليس فرضًا.. وإن كان التوريث موجود فعلاً في لبنان لم يأت ذلك إلا بسبب الظروف التي حكمت وفرضت وريثًا افتراضيًّا لذاك الإنسان، وريثًا يحمل حلم لبنان، وريثًا يحمل جينات الوطن بين خلاياه، وحبًا دافئًا يغني الوطن…
لم يكن عبثيًا افتراض رئيس يحمل جينات الرئيس ذاك الإنسان ودمه وروحه ليكمل المشوار، فالطريق طويل، وطرق القمم عادة ما تدعي حفر وهفوات وذلات وقطاع طرق، بالنهاية حتما سينتصر الوطن..
فالعهد الجديد مع ابن الرفيق سعد وضياء وانتصار يعلو الأقبية نحو السماء… سيكون العهد قويًا طالما أن اليد العبثية ترنو بعيدًا عن المطامع والمكائد لينجو الوطن..
وطالما هناك جينات تحمل دم الرئيس ستكون مطالب الشعب دائما نريد ذاك رئيسًا لأنه إنسان يعرف معنى وجع الأوطان، قد ذاق طعم الحزن والحرمان، إنه من “طينتنا”، إنه يعرف ما معنى الأحزان، يعرف أن طعم الفرح يختصر بكلمة لبنان، أفنى حياته في سبيل التحرير والإيمان، إيمان يدعو الجميع لتحيا هناك راية الإنسان.
إن ذلك الإنسان استشهد ليعيش لبنان ليقهر الذل في كل آن… ويبقى يوما أسميناه عيد الإنسان وامتزج بالحب ليكون للوطن فيه قيامة الكرامة والوجدان.