نجنا يا رب من صفقات الصهر!

25 يونيو 2019
نجنا يا رب من صفقات الصهر!
beirut News

قد لا يحتاج جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي، إلى أن يكون وزيرًا لكي يشغل العالم بصفقاته المشبوهة، وآخرها “صفقة القرن”، على عكس ما هو حاصل في لبنان وفي تركيا مثلًا. فهو يتحرّك بصفته زوج إبنة الرئيس أولًا وبصفته مستشارًا له ثانيًا.

وعلى رغم هاتين الصفتين فإن “صفقة القرن”، على رغم ما فيها من مغريات إقتصادية لن تسمح لكوشنير بأن يمرّر ما لا يمكن القبول به فلسطسنيًا، خصوصًا أن لا أحد من الحكومة الفلسطينية سيحضر مؤتمر المنامة، الذي يقاطعه لبنان بطبيعة الحال، تضامنًا مع الفلسطينيين أولًا وتعبيرًا عن رفضه ما في هذه الصفقة من مشاريع تهدف إلى توطين الفلسطينيين حيث هم، وهذا الأمر يجمع اللبنانيون، بكل أطيافهم على رفضه والعمل على وأده في مهده.

وعلى رغم ما تتضمنه هذه الصفقة من مغريات إقتصادية، والتي تبلغ قيمتها نحو 50 مليار دولار استثمارات وتعزيز البنية التحتية والسياحة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الدول المجاورة مثل مصر والأردن ولبنان، فقد فات “الصهر” أنه ليس بـ”الخبز وحده يحيا الإنسان الفلسطيني”، الذي يقاوم بكل أشكال المقاومة ما يُحاك ضده من مؤامرات تهدف إلى تمييع قضيته الأساس وإغفال حقه بإقامة وطن كامل المواصفات، وأن يعيش الشعب الفلسطيني بكرامته وحقّه بسيادة غير منقوصة وغير منتهكة، وهذا الأمر يغيب كليًّا عن جدول أعمال مؤتمر المنامة المكتوب له الفشل، وهو ما عبّر عنه الملياردير الفلسطيني منيب المصري المعروف بـ”ملك الضفة الغربية” حين قال: “مشكلتنا سياسية وليست اقتصادية. نحن لدينا كرامة وقيادة لا تريد الذهاب الى المؤتمر لأنّها تعتقد أنّ الولايات المتحدة ليست وسيطاً صادقًا”.

فمؤتمر المنامة يشبه زفافًا لا يحضره لا العريس ولا العروس، وهما المعنيان أولًا وأخيرًا بهذا الزفاف، الذي لن يكتمل إن لم يقل العروسان هذه “النعم” كشرط أساسي لكي يكون للزفاف مشروعية تأسيس عائلة قوامها رضى الطرفين، مما يعني أن هذا الزفاف هو في حكم البطلان، حتى قبل عقد القران القائم على مبدأ الإكراه، إذ أن كل ما هو مبني على باطل فهو باطل.

وإذا كان كوشنير يعتقد أن الأوطان تشرى وتباع فهو ليس فقط مخطئًا بل لا يعرف شيئًا عن تاريخ النضال الفلسطيني، ولم يقرأ شيئًا في كتب التاريخ عن نضالات الشعوب، ومن بينها الشعب الأميركي في مراحل سابقة على سبيل المثال لا الحصر، وهو لا يعرف أن من بذل دمًا غاليًا وذرف الكثير من الدموع نتيجة القهر لن يقبل بمال الدنيا بديلًا عن كرامة لا تزال تعني الكثير للشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، وهو على إستعداد لتقديم أقصى التضحيات من أجل الحفاظ عليها.

ما يجمع عليه الفلسطينيون في رفضهم هذه “الصفقة” يمكن ترجمته بكلمة واحدة يوجهّونها إلى كوشنير: “خيّط بغير هذه المسّلة”.

وعلى رغم معرفة الفلسطينيين بأن رفضهم السير بهذه الصفقة سيكون لها أثمان باهظة فإن لسان حالهم يقول “ما همّ الغريق من البلل”!