طرابلس – الإنفتاح تدحض “فلسفة”جبران عن “السنّية السياسية”!

6 يوليو 2019
طرابلس – الإنفتاح تدحض “فلسفة”جبران عن “السنّية السياسية”!
beirut News

أين ما ذهبت وكيفما توجهت، وفي أي جلسة كنت، عامّة أو خاصّة، إلاّ ويكون الوزير جبران باسيل حاضرًا، وله في كل “عرس قرص”، سواء مديحًا أو إنتقادًا، وقد يكون الثاني أكثر من الأول، خصوصًا أنه يحاول بشتى الطرق والأساليب، التي تتناقض في أغلب الأحيان مع الأعراف والتقاليد المتعارف عليها، أن يفرض نفسه في المعادلات، الكبير منها والصغير، المحلي والإقليمي، من خلال حركته الدائمة، التي يتحدّى فيها الجميع، مع تنقلاته الدائمة المثيرة للجدل، سواء تلك التي لها طابع رسمي أو تلك التي لها طابع شعبي أو شعبوي. ومن ضمن هذا الخط البياني، الذي رسمه لنفسه منذ إطلالاته الأولى على الساحة السياسية، تأتي زيارته لطرابلس اليوم، والتي أصرّ على القيام بها على رغم النصائح التي وجهّت إليه، تمامًا كما فعل كثيرون قبل زيارته للجبل وما نتج عنها من أحداث كان لبنانفي غنىً عنها، وقبل هذه وتلك زيارته لبشري وزغرتا.

ينقسم الرأي حول شخصيته. فمن معه ويؤيد مواقفه، خاصة من البيئة المسيحية، يرون فيه مشروعًا محتملًا وممكنًا لرئاسة الجمهورية، الذي سيخلف الرئيس ميشال عون بعد ثلاث سنوات، تمامًا كما خلفه في رئاسة “التيار الوطني الحر”، ويعتبرونه الشخص المناسب لإكمال مسيرة “الجنرال”، وهو يجسّد تمامًا شخصية “الرئيس القوي”، كإمتداد طبيعي لـ”العهد القوي”.
ويقول هؤلاء: لو كانت مواقفه عادية وغير جريئة، وهو الذي يطرق أبوابًا لم تًطرق من قبل، لكان مثله مثل أي شخص يتعاطى السياسة بحذر وخجل، فيكون كالماء الذي لا طعم له ولا رائحة ولا لون.
وفي رأي مؤيديه فإن باسيل قد أختار هذا الطريق الوعر، الذي فيه طلعات ونزلات، ومواجهات وكرّ وفرّ، و”تقويص” على العالي، وهذا يجعل منه رجل المرحلة، على حدّ تعبيرهم، الذي يعرف كيف يواجه وكيف يردّ السهام عن صدره، وهي كثيرة، وبالتالي يعرف كيف “ينيشن”، ويعرف تحديد الهدف الذي يريد إصابته.
أما الذين لا يتفقون معه في السياسة التي يتبعها، وهم كثيرون، وتتراوح خلافاتهم معه بين الطموحات والأسلوب والتطلعات، فيرون فيه رجلًا إستفزازيا بإمتياز، لأن المواقف التي يعلنها لا تتماشى مع واقعية تكوين لبنان وطبيعته السياسية القائمة على التوازنات الدقيقة، إذ أن أي إخلال بها قد يعرّض البلاد لخضّات شتى، منها ما هو أمني كما حصل الأحد الماضي في الجبل، ومنها ما هو سياسي، وهذا ما يجعل المسافة بينه وبين كل من الرئيس نبيه بري وسليمان فرنجيه، على رغم أن خصمهما السياسي هو في الوقت نفسه حليف حليفهم، أي “حزب الله”، إضافة إلى التباعد بينه وبين الدكتور سمير جعجع، على رغم ورقة التفاهم بين ” التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، التي لم تُترجم على الأرض سوى مرّة واحدة عندما تأمّن النصاب لجلسة إنتخاب العماد ميشال عونرئيسًا للجمهورية.
وفي رأي بعض الذين يُعتبَرون من “الأخصام الشريفين” للوزير باسيل، أن حلفاءه الإستراتيجيين لا يسلمون من سهامه، وهم يضعون هذا الأمر في خانة إستجلاب عطف بعض المسيحيين الذين لا يدورون في “الفلك العوني”، وهذا ما يجعل بعض القيادات في “حزب الله” حذرين بعض الشيء في تعاطيهم معه، وإن كانت “أخطاؤه” مغفورة، بالإستناد إلى موازين الربح والخسارة على مستوى ما يؤمنّه باسيل للحزب من غطاء، سواء على الساحة المسيحية، أو على مستوى التغطية الخارجية من خلال موقعه الرسمي والدبلوماسي.
وهذا ما يؤخذ عليه من قبل ” القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل”، الذي لم يسلم من سهامه، على رغم ” التسوية السياسية”، التي لا تزال الأساس في تركيبة السلطة، وهو الذي مدّ يده إلى “البيت السنّي”، أولًا من خلال حديثه عن “السنّية السياسية”، وثانيًا من خلال مدّ يده على صلاحيات رئاسة الحكومة، وبعد ذلك يزور اليوم طرابلس، التي لها طابع خاص، على رغم أنها رمز للتعايش الوطني، وهي التي تفتح يديها وقلبها لجميع الذين يقصدونها بنوايا حسنة وصادقة، وهي التي ستدحض اليوم “فلسفة” باسيل حول “السنّية السياسية”.
في المختصر فإن ما على باسيل أكثر بكثير مما له، وهو المستفيد من ثلاث حيثيات، أولها أنه أقرب المقربين إلى رئيس الجمهورية، وثانيها أنه رئيسٌ لأكبر كتلة نيابية أنتجها قانون “غبّ الطلب”، وثالثها حاجة ” حزب الله” إلى حليف مسيحي.

اندريه قصاص_لبنان24