الخليج بين مشروعين!

4 أغسطس 2019
الخليج بين مشروعين!

Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/beirutnews/public_html/wp-content/themes/newsbt/includes/general.php on line 742
beirut News

تناقلت الوسائل الإعلامية حول العالم آخر الأخبار الإصلاحية المثيرة القادمة من السعودية، والتي عدلت وضعاً تنظيمياً خاطئاً وظالماً بحق المرأة بني على آراء متطرفة ووجهة نظر متشددة.
يأتي هذا القرار استكمالاً لسلسلة الإصلاحات المهمة والجوهرية التي تبنتها السعودية في الفترة الأخيرة، والمتعلقة بنهج التسامح وقبول الآخر، ومحاربة التطرف والتشدد، وتبني الخطاب الديني الوسطي والمعتدل، والانفتاح الثقافي على العالم بأممه وشعوبه وفنونه وآدابه بقبول واحترام.
وهذه التحركات السعودية «المحلية» لها انعكاسات مهمة تصب خارج البلاد لتصل إلى المنطقة المحيطة بها ككل. فالثقل السعودي مؤثر جداً. الخليج العربي باختصار يقع اليوم بين مشروعين؛ المشروع السعودي مقابل المشروع الإيراني… المشروع السعودي المحارب للإرهاب، الإصلاحي ثقافياً وفكرياً ودينياً واجتماعياً واقتصادياً، المنفتح على دول العالم الأخرى وثقافاتها، مقابل المشروع الإيراني المتطرف دينياً والمتعصب طائفياً، والداعم للعنف وللتنظيمات الإرهابية التكفيرية، والمعادي للدول المجاورة. بل إن النظام الإيراني في مشروعه منذ عام 1979 يعادي الكثير من الإيرانيين أنفسهم، الذين انتشروا في أصقاع الأرض هروباً من القمع والتشدد والطغيان الممارس من قبل حكام إيران. نظام إيران لم يعد يشبه إيران القديمة العظيمة نفسها. إيران التي أنجبت ابن المقفع وعمر الخيام وسيبويه وجلال الدين الرومي والعطار والسهروردي والأصفهاني، باتت اليوم تفتخر بخامنئي وحسن نصر الله وقاسم سليماني وجواد ظريف! إنه الإفلاس الحقيقي.
الخليج العربي اليوم يتنافس عليه المشروع السعودي بإصلاحاته التي تفاجئ كل متابع للشأن السعودي وتجعله في حالة هائلة من الاندهاش والسرور، والمشروع الإيراني المليء بالأخبار السلبية، والداعم لأنظمة الإبادة، والمساند لعصابات الإرهاب، والمبني والقائم على الطائفية البغيضة. السعودية اختارت أن تكون جامعة لكل المسلمين، والعمل بحرفية كلمة قبلة كافة المسلمين، فمليكنا يحمل اللقب المميز خادم الحرمين الشريفين، وراية البلاد بها عبارة الشهادة التي تجمع المسلمين كلهم. إنه التوسع العملي في الآفاق وتبني الآراء الجامعة. ومن يتابع مسارات مشاريع الحج الجبارة كما هو مشهود في هذه الأيام، يدرك تماماً أن السعودية تبنت آراء فقهية لمراعاة الأيسر للمسلمين حتى تكون خدمات المناسك هي الأفضل عاماً تلو آخر وهو ما يحصل.
المشروعان السعودي والإيراني مختلفان تماماً، والمشروع الذي سينتصر سيكون له الأثر الأعظم على المنطقة الأكثر سخونة في العالم هذه الأيام.
المخرج السينمائي الراحل عباس كياروستامي الذي يوصف كأحد أعظم مخرجي السينما، كان دائماً ما يصف إيران ونظامها بـ«الخناق»، وكان دوماً ما يردد «أنا أبدع وهم يخنقونني». قارنوا بين الخليج قبل 1979 وبعدها ستعرفون الفرق. المشروع السعودي بملامحه المتزايدة هو نور في نفق إيران المظلم بمشروعها الطائفي على المنطقة.