بيان عوكر.. Mettez vous en rang!

10 أغسطس 2019
بيان عوكر.. Mettez vous en rang!
beirut news

لا يمكن فهم ما الذي جرى بين ليلة وضحاها فانقلبت الأمور رأسًا على عقب، وبسحر ساحر، بين الأسود إلى الأبيض، فتصالح المتخاصمون في لحظات، كان يُفترض أن تتم في الأول من تموز، بدلًا من تعليق البلد على صليب قبرشمون أربعين يومًا.

قد يكون القول أن “الهمّ” الإقتصادي المشترك والمتأزم قد أنقذ حكومة “إلى العمل في اللحظة المفصلية الحرجة، بعد ساعات من إصابة الرئيس سعد الحريري بخيبة أمل لم تكن الأولى، ويؤمل أن تكون الأخيرة، فأصيب جميع المعنيين بصدمة إيجابية فكان تجاوب مع مساعيه لإعادة الحياة إلى “حكومة إلى العمل”، التي لم تعمل ولم تجتمع لأكثر من شهر، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى حكومة تعمل وتنتج، وهذا ما كان يطالب به الوزير جبران باسيل كشرط اساسي لفك الأسر عن تشكيل الحكومة، والذي استغرق أكثر من تسعة اشهر.

ولكن هذا الهمّ ليس بالأمر الجديد فهو من عمر الخبز. أما الجديد فهو بيان السفارة الأميركية وما تضمنه من تحذيرات ما بين السطور القليلة، التي كانت كافية لكي يصطّف الجميع في الصف.
وأنطلاقًا من هذه المسلمة، وعلى رغم أصطدام الحريري بجدار رفضي لم يفقد نفحة الأمل والتفاؤل بقرب إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء، وفق جدول أعمال خالٍ من الأفخاخ، وأهمهما حادثة قبرشمون، ووفق مشروع حل توافق عليه مع رئيس الجمهورية، وكان أبدى تفاؤلًا بحلحلة العقد على أثر تطيير الجلسة التي كان من المفترض عقدها منذ ما يقارب الشهر عندما “فركش” وزراء تكتل “لبنان القوي” الجلسة، حيث عقد إجتماع بديل في وزارة الخارجية كتعبير عن رفض إدراج حادثة قبرشمون على جدول الأعمال للتصويت عليه ومن ثم إحالتها على المجلس العدلي، الأمر الذي يرفضه الحريري مؤيدًا موقف الحزب “التقدمي الإشتراكي” ومعه حزب “القوات اللبنانية”، وبغطاء من الرئيس نبيه بري، الذي كان رأيه ولا يزال، بإن تحّول إلى المحكمة العسكرية، التي يتحفظ عليها النائب السابق وليد جنبلاط، لأنه يرى فيها تسييسًا وتدخلًا مباشرًا من قبل وزراء القصر الجمهوري بعمل القضاء وبمسار التحقيقات.
فتفاؤل الحريري كان في محله، وهو الذي قال إن الحلول باتت في نهايتها وستسمعون الخبر السار، على رغم الجواب الذي جاء بعد ساعات، فاصبح الخبر السار سارًا بالفعل، ولم تطير الآمال المعقودة على إلتئام الحكومة قبل توجه رئيسها إلى واشنطن.
فالصيغة التي أقترحها الحريري على الرئيس عون تقضي بعقد جلسة للحكومة في بعبدا وفق جدول اعمال جلسة 2 تموز ولا يجري خلالها مسألة احالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي، وفي المقابل سيتحدث رئيس الجمهورية في نهاية الجلسة عما حصل في الجبل وسيعلن خلال مداخلته أن ما حصل بات لدى القضاء المختص. وكان يفترض أن يرفع الرئيس عون الجلسة بعد مداخلته مانعا الوزراء من ابداء أي رأي في الجلسة حول الحادثة، مجنبا مجلس الوزراء “خضة” داخلية قد تؤدي الى “تفجيره”.
وأمام وقوف الحكومة من جديد أمام المجهول، لم يقطع الأمل الحريري ، وهو تابع إتصالاته ومساعيه لإنقاذ الحكومة من واقع تصريف الأعمال وتحويلها إلى حكومة منتجة وفاعلة، بعيدًا عن تأثيرات حادثة قبرشمون، التي أصبحت في عهدة القضاء، مع تشديده على عدم السماح للسياسة بالتدخل في مجريات التحقيق، خصوصًا أنه كان يرى أن الحل الذي كان مطروحًا يرضي الجميع من خلال ابعاد “كأس المجلس العدلي” عن الجلسة، وهو امر يرضي جنبلاط، وقد تكفل الرئيس عون بالحصول على موافقة ارسلان، لإجراء عملية واسعة من المصارحة كشرط أساسي لإتمام المصالحة، وهذا ما حصل بالفعل.
كلمة أخيرة، وبها نبدأ مقال يوم غد، أنه لولا شخص إسمه نبيه بري لكانت المصالحة قد طوت شهرها الثاني والثالث والرابع، مع الأخذ في الإعتبار مفاعيل البيان الأميركي.