تلفزيون المستقبل ليست شاشة تابعة لشركة تجارية تبغي الربح هي شاشة قضية نعم قد تهتز ولكن من غير المسموح لها أن تموت

22 أغسطس 2019
تلفزيون المستقبل ليست شاشة تابعة لشركة تجارية تبغي الربح هي شاشة قضية نعم قد تهتز ولكن من غير المسموح لها أن تموت
beirut news

حين يختلط الأمر بين وجع الناس والوجع السياسي، تصبح الكتابة مهمة شاقة إن لم تكن مستحيلة، هذا هو واقع الحال في الكتابة عن أزمة تلفزيون المستقبل. فالواقع سلسلة من المآسي تراها في قصص ووجوه العاملين في هذه المؤسسة، هو صراع بين الالتزام السياسي ولقمة العيش، صراع غير عادل مع قاعدة أساس “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”.

.. شاقة هي الكتابة عن أزمة تلفزيون المستقبل، وكثيرة هي الأوراق الممزقة بين المحاولات الفاشلة للكتابة خوفاً على الناس على العاملين، مراهناً دون قناعة أن الأزمة لا بدّ أن تجد حلاً لها، فلما النكأ بالجرح ووضع الملح ليزداد ألماً. مراهنة فاشلة مع الاقتراب من إقفال الشاشة الزرقاء ومعها إذاعة الشرق بعدما تم إقفال الصحيفة.

بما يشبه كما يبدو الوقوف على الأطلال، لابدّ من ذكر الأحبة والمكان، هذه الشاشة قالت لنا “روح شوف مستقبلك”، ثم دعمتنا فقالت “ولا يهمك”. هذه الشاشة أطعمتنا من حلويات إسماعيل وامرأة عمه “نجاح”، وأطربتنا بكلمات وألحان أحمد قعبور ومعالم المعلم الأول “غازي بكداشي”.

هذه الشاشة ألزمتنا طالبة “خليك بالبيت”، فقلبها كبير. رفعت أخصاماً بالسياسة وتواضعت مع حلفائها وأبنائها، هذه الشاشة في الـ2005 أوقفت ساعة الحياة في يومياتنا فتظاهرنا معها طوال سنة كاملة. تخلينا عن مسلسلاتنا، وعن أفلامنا وبرامجنا الترفيهية لننشد معها “لا ما خلصت الحكاية”، هذه الشاشة في 7 أيار عندما أحرق مبناها بكينا عليها دماً ودموعاً وصرخنا غاضبين مع “سحر الخطيب” بوجه المعتدين “ليش عملتوا هيك..”. هذه الشاشة ليست ملكاً لسعد الحريري ولا لتياره وليست جزءاً من تركة رفيق الحريري العائلية، هذه الشاشة ملكنا جميعاً نحن الذين أسقطنا حكومة عمر كرامي، وحملنا المكانس بوجه مفرزة الاستخبارات السورية في البوريفاج، وتظاهرنا في 14 آذار وصمدنا في السراي الحكومي بعد حصاره واستشهد لنا أحبة في 7 أيار.

هذه ليست شاشة تابعة لشركة تجارية تبغي الربح. هي شاشة قضية. هي شاشة قد تهتز لكن من غير المسموح لها أن تموت.

.. شاقة هي الكتابة عن أزمة تلفزيون المستقبل. كما هو شاق مشاركتك بدفن والدك، وأنت ترمي التراب على جثته لديك أمل كبير أن يعود للحياة وأن يمسك بيدك مجدداً وتعود طفلاً..

.. شاقة هي الكتابة عن أزمة تلفزيون المستقبل، فالأحلام عندما تنهار يصبح التنظير حول أسباب سقوطها سخيفاً وحقيراً وغير ذي جدوى.

سيأتي قريباً شهر رمضان، لن ننتظر أذان الإفطار على شاشة المستقبل. سنقف عند أبواب المساجد كالمتسولين كي نسمع الأذان.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع بيروت نيوز بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.