“روح تشّكى”… مجلس العمل التحكيمي: حكمٌ ملزِم وبتٌّ بطيء

23 أغسطس 2019
beirut News

مهما كانت جنسيتك ومهما كان عقد عملك خطياً أم شفهياً،اذا صادفتك مصاعب في عملك او تعرضّت للصرف التعسفي أو تمّنع رب العمل عن تسجيلك في الضمان الاجتماعي او أُصبت بحادث أثناء العمل ولم تلق الرعاية الصحية المطلوبة “روح تشكى”، فهناك مجلس هو بمثابة محكمة استثنائية تنظر في نزاعات العمل يجهل وجودها أو صلاحياتها وآلية عملها الكثير من العمال والأجراء وتحمل اسم “مجلس العمل التحكيمي”.

يجهل كثر من العمال وأرباب العمل أن مجلس العمل التحكيمي هو من أكثر المحاكم نشاطاً نظراً للعدد الكبير من الدعاوى المرفوعة أمامه.قد يكون السبب المرجح هو استفحال الأزمة الإقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد منذ عقود من دون حلول او رؤية مستقبلية،ولكن أيضا يمكن احتساب النقص في عدد القضاة المعينين في المجالس التحكيمية على غرار النقص الحاصل في المحاكم العادية.

المجلس يتألف من ثلاثة أعضاء: قاضٍ رئيس من الدرجة السادسة وما فوق وممثلين عن العمال وأصحاب العمل.
يوجد لدى قصر العدل في مركز كل محافظة مجلس عمل تحكيمي واحد على الأقل،علماً أن القاضي يُعين من قبل وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى لولاية غير محددة،في ما تحدد ولاية ممثلي العمال وأرباب العمل بثلاث سنوات قابلة للتجديد ويتم تعيينهما بناء على اقتراح وزير العمل مع عضوين رديفين في حال غياب الأصيل لسبب ما،إضافة الى مفوض الحكومة الذي يُعين من موظفي الفئة الثالثة في الإدارات العامة شرط حيازته على إجازة في الحقوق.

يقول مرجع حقوقي إن القضايا المرفوعة امام المجلس تتخذ صفة”المستعجلة” بحسب المادة 80 من قانون العمل والهدف من ذلك هو إيصال العمال الى حقوقهم بأسرع وقت ممكن،لكن ما كُتب على الورق لا يتماهى مع ما يتم تنفيذه على الأرض لأسباب عدة،بحسب المرجع القانوني، ففي حين أن القانون يضع مهلة ستة أشهر كحدٍ أقصى لإصدار الحكم نرى أن هناك قضايا طال أمد لفظ الحكم فيها الى عشر سنوات والأسباب كثيرة قد يكون أبرزها تضخيم حجم المطالب في الدعاوى ما يدفع بالمحكمة الى إجراء المزيد من التحقيقات بواسطة خبراء للتأكد من صحة الوقائع الواردة في الدعوى.

آلية تقديم الدعوى أمام المجلس غير معقدة وتتم من خلال تقديم استحضار خطي يحمل أسماء المحكمة،المدعي والمدعى عليه وعنوان إقامتهما،الوقائع والأدلة المتوافرة،مطالب المدعي بشكل مفصل،مع الإشارة الى أن تقديم هذا الاستحضار يتم من دون رسم طابع أو رسوم قضائية وحتى من دون محامٍ،على أن تقدم ثلاث نسخ منه للمحكمة والمدعى عليه والضمان الاجتماعي،لكن هل يمكن نقض الحكم او مراجعته؟

يقول المرجع القانوني إن الأحكام الصادرة عن المجلس لا تقبل سوى الإعتراض والتمييز وفقاً لما نصت عليه أصول المحاكمات المدنية وقانون التنظيم القضائي،لذا يمكن الطعن أمام محكمة التمييز لكن هذه المرة بواسطة محامٍ اذا كان المبلغ المحكوم به يتخطى ستة ملايين ليرة لبنانية،كما أن الطعن لدى التمييز لا يوقف التنفيذ الا بقرار صادر عنها،أما إذا رفض أو أرجأ رب العمل تنفيذ قرار المحكمة يمكن ملاحقته جزائياً على أساس المادة 344 من قانون العقوبات،ولا ينسى المرجع القانوني أن يذكر المتضرر من الطرد التعسفي أو من دون إنذار مسبق أن عليه تقديم الإستحضار خلال مدة شهر من تاريخ الصرف.

“روح تشكى”عبارة يطلقها اللبناني بكثرة لأنها تتماهى في لاوعيه بفكرة”ما في نتيجة من المحاكم”،فإلى متى سيبقى اللبناني غير واثق ببعض قضاته ومحاكمه ومنظومة العدالة في بلده؟