الخواطر الوجدانية

16 أكتوبر 2019
نعمت الرفاعي

الكاتبة اللبنانية – نعمت الرفاعى ..
———————————-
الكتابة تبدأ بالخواطر الوجدانية .. بأفكارنا .. وأحلامنا .. ثم تبعثرنا الحياة مجددا وتحاول إعادة هيكلتنا من جديد .. فتتغير معها الكثير من الأحلام .. وكثير من المشاكل .. والكثير والكثير من الخوف .. فكل ما نخشاه الآن .. أو نخشى حدوثه كي لا يألمنا.. قد نجد أن لا مفر من حدوثه .. والتأقلم مع الألم هو سر السعادة أحيانا في هذه الحياة .فصحيح أن الآباء هم سبب وجودنا .. أما اسمنا ووجوده يبقى أسير طموحاتنا وإرادتنا نحن .. فكم من إسم يحفر على جدران المقابر .. ولم تعرف عنه الحياة شيئا ولم يترك وراءه أي أثر .. ومعها تنضج الكتابات أكثر .. وتصبح كالذي يروض وحشا بروح أسد بشكل ضخم جدا كالفيلة .. وتصبح الكلمة تراوغك كالمد والجزر بالنسبة لطفل يجلس على الشاطئ يخشى الموجة أن تقترب وحسن تبتعد يستغرب إبتعادها ويتمناها أن تقترب من جديد .. ويعود الخوف مجددا .. دون أن يستطيع على التأقلم .. أنها لن تؤذيه .. ومتعتها لن تدوم .. كالحياة مهما خضنا فيها مغامراتنا نظل نخشى المجهول .. والأشياء المموهة .. كالحلم حين يقترب نخشى الفشل فيه .. لأنه ما زال في الظل .. لا نعرف عنه الكثير.. وحين يبتعد نريده أن يعود مجددًا .. مسألة كر وفر بين تحقيق الأحلام والخوف من الواقع وأحيانا يكون الخوف الأكبر أنفسنا، حتى من محيطنا .. في زمن أصبحنا فيه لا نراقب أعمالنا ومدى رضانا عنها .. بل ننظر حولنا .. إلى من ينظر إلينا .. إلى أعينهم .. ننظر في وجوههم لعلنا نسطيع قراءة ما تخفيه علينا .. ونأخذ تقييمنا من أفواه الآخرين .. ومن أعينهم .. وكأن رضاهم أهم من رضانا على عملنا .. حتى أننا لم نعد ندرك ذاتنا ورضانا الذاتي عن أنفسنا .. فقط نريد أن نكون الأجمل والأفضل والأرقى ..
ومع أننا ندرك كل مخاوفنا ونعرف كل عثراتنا .. نعرف جيدا ما يرهبنا .. ولا نتجنبه حتى لا نبدو ضعفاء .. كي لا تزول قشرة المخاوف عنا .. بزمن أدركنا فيه أن كل ما تعلمناه عن الكمال مجرد فقاقيع كلام .. انهار في حكومات البطالة وتفشي السرطانات والأمراض والغش والإستغلال والإستفزاز .. بحكومات أصبحت القمامة فيها تجوب الطرقات والبحار وتعلو فيها الجبال .. أصبحنا نعيش الألقاب.. صرنا نعيش النقص .. بمجرد النظر لممتلكات غيرنا .. وإن كان ينقصه ما نملكه .. وننسى أن بعض الأشياء .. يرزقنا الله موهبة .. ولكن هناك ما يعيشه .. لم ولن نتمنى أن نعيشه يومًا .. وأن كل شخص يبتسم .. يبتسم فقط كي لا تدمع عينيه .. ويلهو بتلك الإبتسامة كي لا يبدي للناس أشياء لا يريدها .. ونعيش في الظل أكثر الأحيان .. ونخشى الظهور للشمس .. فالشمس تذيب الكثير من الجليد .. من يجعلون من أنفسهم فقاقيع لا تتحمل الحقيقة كثيرا .. فالطفيليات تقتات في الظلام .. أما النور يمحي معالمها من الوجود .