ذكرى موت.. وثورة فرح

10 نوفمبر 2019
ذكرى موت.. وثورة فرح
نعمت الرفاعي

قد جاء ذكرى موتك يا أخي، والدنيا عيد…

لأول مرة منذ سنتين، وأنا أستشعر الفرح.. كنت قد قررت العزلة، لأني لا أستطيع العيش بسعادة…
في الفترة الأولى بعد موتك، استغربت كيف يتخطى أهالي الموتى مصابهم… صرت أتأثر لموت أحد، لأني شعرت بمرارة الألم، ألم الفراق، وألم الوداع دون توديع.. وألم الوعود الكاذبة التي فرقها الموت قبل أن تتحقق… وأهمها، صرت أتألم على كل شاب يموت، لإني أعلم أنه خطف الفرح منهم.. وأشعر ذكرى رحيلك وأتألم وكأنك تموت مجددا مع كل نبأ يأتينا عن الموت.. فترانا نبكي بقوة دون أن ندري لماذا نبكي
أخي، لا أريدك بكاءك، بعد الآن، سأشعر فقط بالفرح، بالنشوة، بالنصر.. سأشعر أن كل أسباب موتك، ستسقط في ثورة الفرح…

وسأنتقم، وبشدة، لكل من حاول أن يرتشي مقابل إبعادك عن وظيفة، وكل من حاول تسميتك، ليحاول إفساد وصولك إلى مهنة في بلد العار…
في بلد لا يساوي حكامه، ظفر رجلك حين تكون بيننا…
اطمئن يا قلبي الدفين، سأناضل لأسترد كل حقك، ومن كان سببا في هجرتك…
وأطلب من الله فقط أن يساعدني، لأعيد الحق من كل شخص اغتصب حقنا في الحرية، والكرامة، والأمن، والحياة…
لأول مرة يا قطعة كبدي، أتحرر من الحزن، صرت أغني فيه أغاني الثورة، وصرت أرقص عليها، وعدت للحياة، وعشت الجنون، وفرحت للحياة مجددا.. وكأني لم أعش الحزن عليك طيلة عامين ونسيت أن الحياة خالية منك، ولكنها ليست خالية من الثورة…
الثورة التي سأقتنص بها حقك، وأسقط بها معالم الدولة، وأركانها، وسيادتها…
ولا تخشى، ففي الساحات، أناس مليئون بالحزن والأسى، يعيشون مثلنا، أنقاض حياة… يساعدونني كي أسقط هذا العهد السقيم الذي سلب منا الفرح…
أحيانا، كنت أستغرب، لم موت الشباب، قبل أن أعرف..
أن الثورة كي تنتفض، يجب أن يموت فيها شبابنا قهرا وذلا، وجوعا….
واستغرابي الأكبر، حول موتك.. ولكن الثورة في ذكرى موتك، كان الجواب الرباني… أخذك الله لتحيا ثورة…
ومات شبابنا ليعيش أبناؤنا…
وسنحيا يا قرة عيني إلى ما شاء الله، وسنلتقي في الجنة بإذن الله، ولكن نأمل حينها أن نستطيع تحرير الأرض والوطن من كل استغلالي حقير، محب للمال ويقتل الشباب ولا يشبع…