اغتيال ابو العطا..كترجمة لإستراتيجية إسرائيل”كسر أضلع ايران”

13 نوفمبر 2019
اغتيال ابو العطا..كترجمة لإستراتيجية إسرائيل”كسر أضلع ايران”
beirut news

يطرح التصعيد الحاصل حاليا في جبهة غزة أسئلة عديدة، ليس فقط حول طول المعركة ومآلاتها، بل أيضاً حول الواقع الميداني الجديد الذي يمكن أن تخلقه التهدئة الجديدة، والحتمية بعد المواجهة الجارية بغض النظر إن تطورت إلى حرب أو استمرت أياما.

هل تنال إسرائيل مُرادها بأن تتوقف “صواريخ الجهاد المتمرّدة على التهدئة” التي دأبت الحركة على إطلاقها اتجاه المستوطنات على مدار عام بين الفينة والأخرى؟ هل ستكون “الجهاد” أقل تأثراً بإيران، كما تزعم إسرائيل؟

بالرغم من عدم الإعتراف الإسرائيلي بهجوم دمشق الذي فشل في إغتيال القيادي في الجهاد الإسلامي اكرم العجوري، إلا أن إسرائيل أرادت من تزامنيته مع استهداف قائد الوحدة الصاروخية في الحركة في غزة بهاء ابو العطا، فجر الثلاثاء، أن تضع حدا لصواريخ القطاع “المتمرّدة” على التهدئة.

ويبدو أن الدولة العبرية قصدت بهذه التزامنية أن تقطع حبل الوصال الإيراني مع غزة. ووفق معلومات حصلت عليها “المدن”، فإن تل أبيب اتخذت قرارا مشتركا مع جهات إقليمية بضرورة قص أجنحة الجهاد الإسلامي بإعتباره الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي ينفذ إستراتجيية طهران في الأراضي الفلسطينية.

ولأن إسرائيل تتبنى في هذه الأثناء سياسة كسر “أضلع ايران” في المنطقة جاء القرار بإغتيال ابو العطا المتهم بإطلاق صواريخ اتجاه المستوطنات بأوامر مباشرة من الأمين العام للجهاد زياد النخالة المعروف بقربه الشديد من إيران. كما أرادت إسرائيل توجيه رسالة تحذيرية إلى النخالة عبر استهداف منزل من يوصف بساعده الأيمن أكرم العجوري، والمعروف بأنه المنسق العسكري الحقيقي للجهاد.

ووفق مصدر من الجهاد لـ”المدن”، فإن معاذ (نجل العجوري) الذي قتل في عملية الاستهداف، يعتبر مساعدا لوالده في التنسيق العسكري بين الخارج والداخل. وكشف المصدر أن اسرائيل بعثت عبر مصر في الأشهر الثلاثة الأخيرة رسالة تحذير لبهاء ابو العطا تحذره من الإغتيال ما لم يوقف إطلاق الصواريخ وأنشطته العسكرية.

ومع ذلك، مارست الدولة العبرية بعد الإغتيال أسلوبا إعلاميا لإحتواء الهجوم أو على الأقل تقليل أيام التصعيد الحتمي، عبر القول إن “ابو العطا عبارة عن قنبلة موقوتة، وأن قتله لا يعني العودة لسياسة الاغتيال.. وبالتالي فإن إسرائيل غير معنية بالتصعيد”.

وبموازاة ذلك، بعثت تل ابيب برسالة تحذيرية إلى حركة “حماس”، مفادها “ان حماس ليست مقصودة من هذا التصعيد، ولكن اذا فكرت بالدخول الى المعركة وأطلقت صواريخ فإنها هي الأخرى ستتلقى ضربة مؤلمة وموجعة”.

ويقول مراسل صحيفة “معاريف” العسكري طال ليف رام، إنه في السنة الأخيرة غيّرت “الجهاد الإسلامي” قواعد اللعبة. في إسرائيل، يُعتقد أن التنظيم لم يعد يشعر بأنه ملزم تجاه أحد وأنه يقود خطاً مستقلاً تماماً، يريد بواسطته أن يثبت للجميع أنه من الأفضل اعتباره قائداً لخط “المقاومة الشديدة” ضد إسرائيل. ارتباط الجهاد الإسلامي بإيران واضح ومعروف وهو يحظى بدعم مالي ربما أكبر مما تحصل عليه “حماس”.

لكن أبو العطا، وفق “معاريف”، وربما أكثر من قادة سابقين، يرى نفسه كجزء من نادي المحور الإيراني، أنه لا يحتاج إلى أمر مباشر كي يتحرك، لذلك التقدير اليوم في المؤسسة الأمنية، أن هناك معقولية عالية أنه إذا وقع حادث مهم في الجبهة الشمالية، فإن الجنوب أيضاً سيشهد إطلاق نار على إسرائيل. ربما لا توجد توجيهات مباشرة، لكن هناك ارتباطاً آخذاً في الازدياد.

في المؤسسة الأمنية في إسرائيل يُعتقد أن أبو العطا الذي لم يكن يُعتبر زعيماً أو قائداً عسكرياً مهماً قبل بضع سنوات، بدأ على ما يبدو يصدق أنه سيد البيت في القطاع، وخصوصاً عندما تجنبت “حماس” كبحه.

وبينما تقول مصادر من غزة لـ”المدن”، إن الجهاد الاسلامي خاصة والمقاومة عموماً تريد أن تطيل هذا التصعيد على الاقل لأيام لإتاحة المجال لتحقيق مطالبها عبر إسرائيل بخصوص أي تفاهمات للتهدئة، ترى صحيفة “هآرتس” في عددها الصادر، الأربعاء، أنهم “في غزة قلقون من التصعيد، ولا يصدقون أن التهدئة ستأتي بجديد”.

أما صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من نتنياهو فقد راحت للتغني بـ”إنجاز الإغتيال” عبر القول إن “اغتيال أبو العطا مس بقوة بقدرات الجهاد الإسلامي”، فيما ركز موقع “واللا” على مخاوف إسرائيل في هذه الأثناء من عمليات تسلل، مبيناً ان جيشها يعزز قواته في محيط غزة.

وتنبأ المحلل العسكري لـ”يديعوت احرونوت” رون بن يشاي في الساعات الأولى للتصعيد بأن يطلق الجهاد الإسلامي كل الصواريخ التي كانت مهيأة لديه للإطلاق مسبقاً. وعلى ما يبدو، الصواريخ البعيدة المدى التي بحوزته ستُطلق على تل أبيب خلال ساعات الصباح. ويقول بن يشاي أن لدى “الجهاد” آلاف الصواريخ بينها جديدة مضادة للدروع، وبكميات مساوية تقريباً للكميات التي تحوزها “حماس”.

التقدير الإسرائيلي أن جولة التصعيد ستستمر بضعة أيام معدودة؛ مستنداً في ذلك إلى إدعاء هو “ان بهاء أبو العطا لم يكن يحظى بتأييد كبير في تنظيمه (الجهاد الإسلامي)”، على حد الزعم.

الواقع، ان أحد الأسئلة الذي شغلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في بداية التصعيد في الجبهة الجنوبية، هو “هل ستتحرك إيران وحزب الله في الشمال ـ نظراً إلى أن الجهاد الإسلامي مدعوم من إيران؟.. في هذه الأثناء يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال إطلاق صواريخ من الشمال”.