وفي أحد المقاطع، التي رصدتها صحيفة “دايلي تيلغراف” البريطانية، تظهر قوات الأمن وهي تواجه المحتجين الذين يلقون الحجارة، بالأسلحة الآلية. وفي مقاطع أخرى يطارد المتطوعون التابعون للحرس الثوري، المتظاهرين بالدراجات النارية، بينما في مواقع أخرى سحلت قوات الأمن وضربت رجلاً.
وفي مدينة كيرمنشاه الواقعة على مسافة 260 ميل من جنوب غرب طهران، أظهر مقطع فيديو قوات أمن، في زي مدني، ممسكة بهراوات وهي تجر متظاهراً من رأسه. كما أظهرت مقاطع فيديو احتجاجات في محافظة بوشهر جنوب إيران، فيما أحرق المحتجون سيارات ومقر الشرطة في شيراز.
وبسبب القيود على الإنترنت، لم يتضح بعد الحجم الفعلي للمظاهرات والعدد الحقيقي لضحايا تدخل قوات الأمن. فقد تسبب حجب الإنترنت في إيقاف تشارك الفيديوهات والصور التي توثق للمظاهرات ولأعمال العنف التي رافقتها على منصات التواصل الاجتماعي. وفي ظل التعتيم الإعلامي وصعوبة الحصول على معلومات دقيقة عن الأحداث الأخيرة، عبرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء أنباء عن انتهاكات السلطات الإيرانية المعايير الدولية لفض الاحتجاجات.
وقال أدريان شهباز، مدير الأبحاث في مجموعة “فريدوم هاوس” المؤيدة للديموقراطية، التي تتعقب الرقابة على الإنترنت في جميع أنحاء العالم، أن حجب الإنترنت عن 80 مليون مواطن “هو أوسع إغلاق للإنترنت رأيناه في إيران”. وأضاف: “من المفاجئ أن نرى السلطات الإيرانية تحظر جميع اتصالات الإنترنت بدلاً من حظر الدولية فقط. وقد يعني ذلك أنهم أكثر خوفاً من شعوبهم، ويخشون من أنهم لا يستطيعون التحكم في حيز المعلومات وسط هذه الاحتجاجات”.
https://twitter.com/BabakTaghvaee/status/1199323342362357761
من جهته، ندد مكتب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بعملية إغلاق الإنترنت واعتبر الرقابة انتهاكاً لحقوق الإنسان. ودعا المتحدث باسم مكتبه، روبرت كولفيل، السلطات في إيران إلى إعادة خدمة الإنترنت المقطوعة، واحترام حق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع السلمي. وقال أن “المكتب وصلته تقارير عن أن عدد القتلى في مظاهرات إيران بالعشرات، حجم الضحايا خطير للغاية على نحو واضح. نشعر بالقلق خصوصاً من أن استخدام الذخيرة الحية تسبب كما يعتقد بعدد كبير من الوفيات في أنحاء البلاد”.
140+ Iranian protesters have been killed in 5 days. Iranian security forces shot unarmed people on streets, from rooftops & a helicopter. 1,000+ protesters have been arrested. The internet was blocked to stop the world from seeing this. Watch what's been happening in #Iran. pic.twitter.com/CjA4VnnGY0
— Amnesty International (@amnesty) November 25, 2019
وللفت انتباه العالم لما يحدث داخل بلادهم، أطلق ناشطون إيرانيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر هاشتاغي #internet4iran و#Iranprotests للفت أنظار العالم إلى حجب خدمة الإنترنت في بلادهم. وفيما يرى بعض الإيرانيين أن قطع الإنترنت يعطل مصالحهم ويعيق تقدمهم في كل المجالات. بينما يرى البعض الآخر أن حجب الإنترنت هدفه الأساسي “منع تداول الأخبار داخلياً وخارجياً وهو دكتاتورية محضة سيسجلها التاريخ”.
This is what’s been happening in #Iran during the near-total internet shutdown. Security forces have shot and killed at least 106 people with complete impunity in nationwide protests. This is what they don’t want the rest of the world to see. https://t.co/M4Jw17Xj1g
— Amnesty International (@amnesty) November 21, 2019
واعتبر أحمد خاتمي، عضو مجلس الخبراء في إيران، أن “المجلس قرر حجب جميع شبكات التواصل الاجتماعي الأجنبية في إيران لأن هذه التطبيقات كانت تعلّم التدمير والفوضى” خلال الاحتجاجات الأخيرة، حسب تعبيره، بينما ألقى أحد النواب الإيرانيين، الأحد الماضي، باللوم على الولايات المتحدة، وما وصفه بالتدخلات الأميركية، في مسألة قطع الإنترنت خلال التظاهرات التي اندلعت الأسبوع الماضي.
ولا يعتبر قطع الإنترنت جديداً في إيران، لكنه يعبر عن اتجاه متزايد تقوم به الدول الشمولية عند مواجهة اضطرابات شعبية. ورغم أن أن النظام عطل الإنترنت منذ 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ومازال حتى اليو يعمل عند مستوى أقل من 20% من سرعته العادية وفقاً لشركة “نت بلوكس” التي تراقب الأمن السيبراني، فإن تلك السياسة فشلت في تمكين المسؤولين في طهران من السيطرة على المعلومات المتداولة عن الاضطرابات في إيران، حسبما قالت صحيفة “يو إس إيه توداي” الأميركية.
وأوضح أمير رشيدي، الخبير في أمن الإنترنت، أن إيران درست فكرة إنشاء مستويات مختلفة من مستويات الوصول إلى الإنترنت. وأشار إلى مقابلة أجريت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر مع حميد فتاحي، المسؤول رفيع المستوى في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيرانية، ناقش فيها احتمال تقسيم إمكانية الوصول إلى الإنترنت بناء على “الطبقة الاجتماعية والاحتياجات الوظيفية”. ولم يتضح فوراً ما إذا كانت إيران مازالت تدرس في مثل تلك المبادرة، التي قد تستخدم في قمع الأصوات المعارضة، علماً أن الصين وروسيا اتخذتا خطوات أو مازالتا تختبران طرقاً لتسيير حركة الإنترنت من خلال قنوات خاضعة لرقابة الدولة.
https://twitter.com/Doranimated/status/1198703960602955777
وبالفعل ظلت أجهزة الحكومة متصلة بالإنترنت وظلت البنوك المحلية في إيران والمستشفيات والوكالات الحكومية والهياكل والخدمات الرئيسية الأخرى في الدولة، مثل الشرطة، متصلة بالإنترنت خلال انقطاعه وفقاً لخبراء الأمن الرقمي والإيرانيين المتصلين بالصحيفة على مدار الأسبوع الماضي.
وفيما أوردت منظمة العفو الدولية “أمنستي” وفاة ما لا يقل عن 100 إيراني في الاحتجاجات خلال محاولة قوات الأمن فض التجمعات باستخدام الذخيرة الحية. وجد بعض الإيرانيون حيلاً للحصول على وصول محدود للإنترنت. وبدا أن الصور ومقاطع الفيديو التي سربت خارج إيران تثبت مزاعم العنف، غير أن الحكومة أنكرت أرقام الوفيات التي أصدرتها منظمة العفو الدولية واعتبرتها مجرد شائعات.
https://twitter.com/BabakTaghvaee/status/1198707537165594625