ومن المتحف تقدمت التظاهرة لافتات كبيرة كتب عليها “حماية المجتمع لا حيتان المال”، و”واضحة مطالبنا حكومة انتقالية من خارج أحزاب السلطة”، و”واضحة أهدافنا وحدة الساحات ورفض التسلق”.
أما في تظاهرة المصرف فقد سار المتظاهرون يحملون لافتات كثيرة رفعت في وجه من لم تتضح له الصورة بعد: “واضح مين الثورة ومين راكبها”، و”واضح أنو الطائفية رأسمالكم”، و”واضح أنو دولاركم بأمان وليرتنا بخطر”.
ثلاثة روافد
مسيرات ثلاث أتت لرفض الحرب الأهلية ولنبذ العنصرية والطائفية، التي ظهرت في شعارات وهتافات شبيحة السلطة، في بعض التحركات المشبوهة على جسر الرينغ وعين الرمانة وبعض المناطق اللبنانية.
عند تقاطع السوديكو، حيث يشهد “بيت بيروت” على أوجاع الحرب الأهلية، التقت التظاهرات الثلاث أو المسارات الثلاثة التي أرادها المتظاهرون للتعبير عن مصائب اللبنانيين مع سلطتهم. مسار مصرف لبنان لإدانة السياسات المالية والمصرفية التي أفقرت اللبنانيين. ومسار المتحف الوطني الشاهد على خطوط تماس الحرب، لرفض العودة إليها. ومن الأشرفية للمطالبة بالدولة المدنية والعلمانية ونبذ الطائفية والعنصرية.
بعد تقاطع التظاهرات مع بعضها، سار المتظاهرون معاً إلى ساحة الشهداء على وقع الهتافات الثورية التي ضجّت بها الساحات على مدى ستة وأربعين يوماً على اندلاع الثورة: يسقط يسقط حكم المصرف ويسقط يسقط حكم الأزعر نحنا الشعب الخط الأحمر، وهتافات أخرى تدين أعضاء مجلس النواب والمسؤولين “الحرامية”، كما ردد جميع المشاركين.
لا إيران ولا السعودية
في هذه التظاهرة الحاشدة بدا لافتاً الحضور النسوي عبر تجمع “نسوية” بهتافاتهن وتفاعل الجمهور معها. وبدا لافتاً أن “عدوى” هتافاتهن انتقلت إلى جميع المتظاهرين: “ثاء ثاء ثورة. ثورتنا مش حراك”، ردد المتظاهرون خلف هتافات “نسوية” في رد على أمين عام حزب الله حسن نصرالله، الذي حاول التقليل من شأن ثورة اللبنانيين على السلطة الفاسدة ناعتاً أيها بمجرد “حراك”.
كما طالت الهتافات جميع الذين خوّنوا اللبنانيين واتهموهم بتلقي التمويل من السفارات: “عم ناكل منقوشة ومش عم ناكل سوشي وبعدك عم تحكيني بالسفارات”. وطالت نسوية بهتافاتها حتى إسرائيل: “تسقط تسقط إسرائيل”، جملة أتت في ختام هتاف “ثورة بكل البلدان” الذي دان فيه المتظاهرون الحكّام والفساد والطائفية “من لبنان للعراق ثورة وحدة ع السراق، ثورة بكل البلدان”…”من لبنان للسعودية بدنا نقضي ع الرجعية ع حراس الطائفية، ثورة بكل البلدان”، هتف المتظاهرون.
هي مسيرة للرد على تخوين المتظاهرين وللقول إنهم غير خائفين من البلطجة وحملات القمع التي حصلت في الأسابيع الفائتة: “قد ما خوّنتونا وقد ما خوّفتونا وقد ما خطفتونا، ثورتنا مستمرة حتى يسقط الكل”، و”ما منخاف وما منطاطي حكم الأزعر ع صباطي”، صدح المتظاهرون خلف الردّيات التي ابتدعهتا “نسوية”.
وإذ طالت هتافات المتظاهرين الثورة على كل شيء “الطائفية والذكورية والفساد ورأس المال والضرائب والتخوين والتحريض والتشبيح والفاشية وإسرائيل”، لم يسلم المسؤولون من الكلام النابي أيضاً “حلّك تفهم يا حمار، نحنا أصحاب القرار”.
البوصلة
كما استعاد المتظاهرون الهتافات السابقة الداعية لرحيل رئيس الجمهورية بعد أن كانت الساحات قد توقفت عن ترديدها في الأسبوعين الفائتين: “بدنا نسقط ميشال عون بدنا يفل. بدنا نسقط الطائفية بدنا تفل. بدنا نسقط حكم الأزعر بدو يفل. بدنا نسقط كل المجلس بدو يفل”.
في أحد الوضوح أراد المتظاهرون إعادة تصويب البوصلة نحو جميع أركان الحكم، في إشارة إلى جملتهم السحرية التي أغضبت جميع المسؤولين “كلن يعني كلن”. فكل سدنة السلطة راحوا يتبرؤون من تهم الفساد مستنكرين شملهم مع الفاسدين، ما جعل اللبنانيين يظنون أن الفساد تسبب به كائنات فضائية. لكن المتظاهرين عادوا ورددوا “فاسدين، زعران سرقتوا المال العام”، مستعيدين الهتافات التي وسمت الأسابيع الأولى لاندلاع الثورة.