الانهيار اللبناني يجبر اللاجئين السوريين على المخاطرة بالعودة

4 ديسمبر 2019
الانهيار اللبناني يجبر اللاجئين السوريين على المخاطرة بالعودة
beirut news
مع أن رحلة العودة الطوعية لنازحين سوريين من مناطق مختلفة في لبنان، صباح الثلاثاء، ليست الأولى التي ينظمها الأمن العام اللبناني بالتنسيق مع السلطات السورية.. فقد بدت عودة عائلات من حلب، وحماه، والغوطة، والزبداني وغيرها من مدن وقرى أرياف دمشق، مرتبطة هذه المرة بسوء الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وتراجع القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، على نحو لم تعد معظم المساعدات التي تتلقاها هذه العائلات في لبنان تكفيها لتسد حاجاتها اليومية، كما أكد بعض المغادرين..

سيدات وأطفال
قرابة السادسة والنصف صباحاً بدأت رحلة النزوح المعاكسة لأعداد إضافية من السوريين إلى بلدهم (حوالى 700 شخص). إذ أتى بعضهم بحافلات ملأوها بكل ما يشكل أثاث منازلهم، بعد سبع سنوات استقروا خلالها داخل خيم، أو في منازل غير مكتملة، فيما حمل معظمهم كل ما أمكنهم أن يحملوه من أمتعة، وبعض التجهيزات والأدوات، واستقلوا معها الحافلات الخضراء السورية التي أتت من داخل سوريا موكباً واحداً لتقلهم، من دون أن يعرف معظمهم كيف سيكون مصيرهم خلال المرحلة المقبلة من حياتهم.

معظم المغادرين كانوا من السيدات والأطفال. والقليلون فقط قرروا المغادرة كعائلة مكتملة، حتى لو عنى ذلك توجه الرجال منهم للخدمة العسكرية الإجبارية. فبالنسبة لأحدهم “لا مفر من الأمر”، وكما قال: “طالما أن هذه الضريبة التي سندفعها كي نعود إلى بلدنا، فليكن. المهم أن الحرب انتهت الآن، ونحن نضمن أقله أننا لن نموت على أيدي إخوان سوريين لنا”.

برفقة صورة بشار الأسد
بين المغادرات سيدة تحمل طفلتها التي ولدت في لبنان، وأصيبت بشلل نصفي نتيجة حادث، وبالنسبة لها “الحياة في لبنان أصعب من أن تحتمل، فكيف إذا كان الأمر مع طفلة تحتاج إلى علاجات فيزيائية كي تستعيد عافيتها”. بكت السيدة وشقيقتها كثيراً عند إفتراقهما، وقالت أنها تأمل أن تعود في زيارة وتكون ابنتها قد استعادت قدرتها على المشي، لافتة إلى أن العلاج في سوريا مجاني، بينما في لبنان لا إمكانية لنا لتحمل الكلفة الاستشفائية الباهظة، خصوصا متى توقفت الأمم المتحدة عن إعانتنا.

بين المغادرات أيضاً سيدة مع خمسة أطفال، جميعهم ولدوا في لبنان، وهي متحمسة حتى يتعرف أولادها إلى بلدهم الأم. إلا إن زوج السيدة قرر البقاء في لبنان، مشيرة إلى أنه لا يزال يعمل هنا، وأن مدخوله لم يعد كافياً لإعالتهم، ولذا قررت أن تعود إلى سوريا “لاستطلاع الوضع هناك”، قبل أن يتبع الزوج عائلته لاحقاً.

لا يمكن الحديث عن فرحة تغمر العائدين. فمعظمهم بدوا مربكين وهم يدخلون في حافلات رفعت صور الرئيس السوري بشار الأسد. فبعد أن ضحى الكثيرون بجزء كبير من حياتهم خلال سبع سنوات وأكثر، ظنوا خلالها أنهم عندما يعودون إلى سوريا، سيكون بلدهم قد تغير ليصبح أقله بحرية البلد الذي استضافهم.

مرونة “الأمن العام”
ها هم يعودون، وفي قلوبهم قلق على لبنان، الذي تمنت سيدة من الزبداني أن يحفظه الله، مشيرة إلى أن عودتها إلى سوريا صارت لازمة، بعد أن انتهت أقله حالة الحرب التي هجرتهم.

بعد سلسلة رحلات عودة طوعية للنازحين ، بدا الأمن العام اللبناني أكثر مرونة وخبرة في التعاطي مع معاملات النازحين، وبالتالي طبق على المغادرين شروط التسوية التي أعفتهم من غرامات الإقامة غير الشرعية على الأراضي اللبنانية، من دون أن يعني ذلك أن عودتهم إلى هذا البلد الذي خلفوا فيه نصف عائلاتهم وأصدقاء ومعارف، ستكون بالمرونة ذاتها مجدداً.

يذكر أن بوابة المصنع في البقاع، يوم الثلاثاء، كانت واحدة من المعابر التي سلكها النازحون في رحلتهم الطوعية، إلى جانب معبر العبودية في الشمال، وجوسية في القاع، وعرسال عبر معبر الزمراني.