من وجوه الثورة: هناء شحرور.. حماسة النبطية وصمود كفرّمان

7 ديسمبر 2019
تقيم الثورة داخل هناء شحرور منذ بدايات وعيها
تقيم الثورة داخل هناء شحرور منذ بدايات وعيها
beirut News

من يتابع يوميات الانتفاضة في النبطية وكفرّمان وصورها، سيلحظ تلك الشابة بكل بهائها وتألقها ونضارة حضورها السخي. سيلحظ اندفاعها إلى الهتاف وإلى تصدر المسيرات ورفع الصوت والراية.

وعلى ما يبدو، الثورة تقيم داخل هناء شحرور، ليس فقط منذ تحملها المسؤولية العائلية في سن مبكرة. بل تتصل بإرث أجدادها، الذين حاربوا المحتل الاسرائيلي، والذي أبعدهم قسراً عن قريتهم “هونين” عام 1948، وهي إحدى القرى السبع اللبنانية، التي اقتطعها الانتداب البريطاني عام 1921، بعد تطبيق معاهدة سايكس- بيكو، وترسيم الحدود بين الفرنسيين والبريطانيين.

علوم سياسية
الثورة عند هناء شحرور، بلغت ذروتها في انتفاضة 17 تشرين الأول، على خط كفرمان – النبطية، التي تقيم فيها مع أفراد عائلتها في بيت مستأجر.

برزت حماستها طوال أيام الاعتصامات والتظاهرات، منشدة للثورة وهي مرفوعة على الأكتاف وبين يديها العلم اللبناني. هتفت هناء “مش طالع مش طالع من هالشارع مش طالع.. نحن المحرومين، من الشارع مش طالعين.

تواظب هناء في معظم الأيام على الحضور في ساحة النبطية وخيمة كفرمان، مشاركة في فعاليات الانتفاضة. وقد تعرف ناشطو كفرمان والنبطية على الشابة شحرور للمرة الأولى في الساحات المطلبية.. وهي التي لم تنخرط يوماً في حزب أو تنظيم سياسي أو إطار شبابي. لكن الثورة “ولدت فيها أيام المرحلة الثانوية”، كما تقول، واستمرت في المرحلة الجامعية، متابعة دراسة “العلوم السياسية” في الجامعة اللبنانية.

لسنا ضد “المقاومة”
تقول هناء شحرور: “منحازة إلى الفقراء والمهمشين والمستضعفين. فأنا واحدة منهم. أعمل منذ  كان عمري 20 سنة، لتأمين الحد الأدنى من العيش لأسرتي التي خطف منها الموت والدي، قبل ثماني سنوات، بمرض السرطان. بينما شفيت والدتي أيضاً من سرطان “حميد”. ومنذ ذلك التاريخ يمكنك أن تعتبرني ربة منزل مسؤولة عن إيجار البيت والفواتير والمتطلبات المختلفة للعائلة، وفيها أيضاً فرد يعاني من حالة خاصة.. وتسألني من أين أتتني الحماسة والشجاعة لأكون في الساحة؟!”

أكسبت انتفاضة 17 تشرين هناء شحرور، بالممارسة والتفاعل العام، معرفة وثقافة في وعيها السياسي وفي ضرورة الوقوف في وجه الظلم والفساد، وضد الذين يمعنون في تجويع الشعب وإفساد منظومة الدولة، التي تنهار أمام أعين الناس.

تؤكد شحرور أن الثورة “ليست ضد المقاومة ومبدأ حماية لبنان من أي عدوان”. لكن تتساءل: “ما الضير إذا عبّر المواطنون عن أوجاعهم وفقرهم ورفضهم للذل وللموت أمام أبواب المستشفيات؟ ولماذا ندفع فاتورتي كهرباء ولا نجد الخدمات الأساسية ولا قدرة على شراء الدواء؟”

للبقاء هنا
ببساط، تقول هناء: نزلنا إلى الشارع والساحات من أجل تحصيل حقوقنا. ففي بلد مثل لبنان، قلة قليلة تمتلك الثروات وتحتكر الموارد والفرص، بينما نحن الفقراء نعيش بأقل من عشرة دولارات في اليوم. فأين هي العدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، الذي يدفع فيه الفقراء من دمائهم وعرقهم كي يبقى حرّاً ومحرراً.

تشير هناء إلى أن الثورة أضافت إلى مداركها كمّاً هائلاً من المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والسياسية. كما انتبهت إلى حقائق كثيرة حول الفساد والمفسدين، والتي كانت تجهل الكثير منها. وهي تدعو كل أبناء جيلها من الشبان إلى الانتفاض على واقعهم المرّ والصعب، حتى يتمكنوا بالحد الأدنى من البقاء في بلدهم.