1-
س. م. ق. ل. ت. ّ. لنلهو قليلاً بلعبة الحروف المبعثرة.
مستقلّ. يعتبر الرئيس المكلف حسّان دياب نفسه مستقلاً. يبحث عن مظلّة، ولو أنّ الشرفة التي يتلطّى تحتها معروفة اللون والانتماء. يختبئ تحت شرفة حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر ومن لفّ لفيفهم في هذا المحور. يتلطّى فيها من سيل الاستنكار والشتائم المحقّان من جهة، ومن موجة المذهبة المتخلّفة من جهة أخرى. هو محمي سياسياً، لكنه يريد شارعاً. فشوارع الحزب والحركة والتيار ومن معهم لا يمكن أن تدعمه. هي شوارع منهمكة أساساً في الدفاع عن زعمائها وبناء المتاريس وأكياس الرمال خوفاً من موجة جديدة للثورة. الرئيس المكلّف يريد شارعاً يركبه، يقوده، يحميه. يريد جمهوراً يصفّق له من دون اعتراض. يحسب نفسه زعيماً، والشارع من أساسيات الزعامة. يريد صورة له مع جموع تهتف باسمه ليدوّن تحتها عبارة “مع جمهوره الحرّ المخلص”. لكن من أين نأتي له بحشد؟
-2-
س. م. ق. ل. ت. ّ. لنلهو مجدداً بلعبة الحروف المبعثرة.
متسلّق. هو كل “مَنْ يُحَاوِلُ أَنْ يَرْتَقِيَ مَنَاصِبَ بِسُرْعَةٍ دُونَ اسْتِحْقَاقٍ”، حسب قاموس المعاني. أما حسب قاموس الثورة، فهو كل شخص، ذكر كان أو أنثى، يلتقي قيادات من السلطة للتحاور معها أو التفاوض، علناً أو سراً، بغية الوصول إلى منصب وزاري أو سياسي أو التسويق لنفسه/ا. المتسلقون والمتسلّقات، جمهور جاهز يبحث عمّن يتبناه. جمهور يليق بدولة الرئيس البروفيسور. يمكن أن يهتف باسمه شرط المنفعة. والمنفعة مقدور عليها اليوم، لا بل أنّها “عزّ الطلب”. من خلالها نُسكت مَن هو جائع أو منتفض، وفيها نبني حالة شعبية لدولة البروفيسور. ولهذا الغرض فتح الأخير أبواب صالون بيته يوم الأحد أمام الناشطين. سمّاهم ممثلين عن الحراك. أولاً ليست 17 تشرين حراكاً بل ثورة، وثانياً لا ممثلين لها ولا ناطقين باسمها سوى مطالب الساحات: حكومة إنقاذية مؤقتة من اختصاصيين توقف النزيف الاقتصادي وتقرّ القوانين المطلوب لاستعادة الأموال المنهوبة ورفع الحصانات عن المرتكبين، وتؤمن إجراء انتخابات تشريعية تفرز السلطة من جديد. هذه مطالب لا حاجة فيها للتشاور والتفاوض، ولا لممثلين ينقلونها. ترفعها كل ساحات لبنان منذ الأسبوع الأول للثورة.
المتسلّقون
نبيل الحجار، حسين خليل، محمد نون، وليد عيتاني ووعد هاشم. أسماء أفراد حضروا أمس إلى منزل دياب للتشاور أو التحاور أو التفاوض، أو حتى إلقاء تحية التعارف. منهم من دخل علناً ومنهم من خرج خلسة، ومنهم أيضاً من جاهر بهذا اللقاء وبادّعائه تمثيل الناس. الإعلامية وعد هاشم قالت إنها تلقت دعوة من “فريق عمل الرئيس المكلف، وشاركت بأمانة وجهة نظري الشخصية حول الهموم والمشاكل ورؤيتي المتواضعة للحلول”. في حين نقلت الوكالة الوطنية عن حساب دياب على تويتر التغريدة التالية: “لم يصدر عني أي موقف مباشرة أو غير مباشرة وليس هناك من يتحدث بإسمي كما أنه لم يتم تعيين فريق العمل والمستشارين”.
فمن علينا أن نصدّق؟ أما محمد نون ونبيل الحجار ووليد عيتاني، فأكدوا على أحقيّتهم في التواصل مع رئيس الحكومة. الأول رئيس “بنك الإعلام اللبناني”، الثاني الثوري الحقيقي لكن مناضل منذ 2014 (كيف ولماذا؟) والثالث غير معروف الهيئة والهوية. واضيف إليهم رابع، حسين خليل، الذي سارع إلى نفي تهمة تمثيل الناس عن نفسه. خمسة مواطنين، بصفتهم الشخصية، حوّلهم دياب إلى ممثلين عن “الحراك”. لا نعرف ماذا دار بينهم من نقاشات وعروض. لكن نعلم جيّداً أنهم لا يمثلون شيئاً، تماماً كما هي حال الرئيس المكلف الذي لا يمثّل شيئاً. متسلّقون “أبرياء” زاروا دياب في وضح النهار. هؤلاء من طلبة إعطاء الرجل فرصة التشكيل. هؤلاء يشبهونه. يريدون كاميرا تلتقطهم وهم خارجون من اللقاء. هؤلاء جمهور حسان دياب، يليق بهم ويليقون به. لكن ثمة أصناف أخرى من المتسلّقين، أولئك الذين يخرجون ليلاً بعيداً من الضوء. هؤلاء يخيطون مناصبهم ولا يظهرون على الكاميرات إلا حين تكتمل رقعة المناصب التي يخيطونها. هؤلاء لعبة الحروف المبعثرة لا تكفيهم، بل يجب تخصيص مجلّة كاملة من الألعاب والتسالي لهم.. وبهم.