صرح النائب نعمت فرام أن “استقالة 51 في المئة من النواب يؤمن المرور لانتخابات نيابية مبكرة، وهذا يستدعي استقالات جماعية…”. هذا الكلام غير صحيح دستورياً أو بالحد الأدنى ليس بالبداهة التي يوحى بها.
فالدستور اللبناني حدد حالات حل مجلس النواب في ثلاث:
حالتان في المادة 65 فقرة 4 الخاصة بصلاحيات مجلس الوزراء: حل مجلس النواب بطلب من رئیس الجمهورية، إذا امتنع مجلس النواب، لغیر أسباب قاهرة، عن الاجتماع طوال عقد عادي أو طوال عقدین استثنائیین متوالیین، لا تقل مدة كل منهما عن الشهر. أو في حال رد الموازنة برمتها بقصد شل ید الحكومة عن العمل.
الحالة الثالثة في المادة 77 المتعلقة بإمكانية حل مجلس النواب من قبل مجلس الوزراء عند تعذر الاتفاق بين السلطتين على مسألة تعديل الدستور.
غير ذلك، لا يوجد في الدستور أي إشارة صريحة أو ضمنية إلى أن استقالة عدد من النواب (مهما بلغ عددهم) يؤدي حكماً إلى الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة. وذلك على خلاف حالة مجلس الوزراء الذي يُعتبر مستقيلاً حكماً في حال فقد أكثر من ثلث عدد أعضائه المحدد في مرسوم تشكيل الحكومة (المادة 69).
تجربة الحرب
وقد تطرق الدستور إلى مسألة الأكثرية في النصاب أو التصويت في مجلس النواب، بالإشارة إلى “أكثرية أعضاء المجلس”، أن الأغلبية تحسب من أعضاء المجلس الفعليين لا العدد المنصوص عنه في قانون الانتخابات. أي أنه في حال توفي عدد من النواب أو استقالوا أو أي سبب آخر، على النصاب أن يحسب من الأعضاء الفعليين.
كما تنص المادة 55 من نظام مجلس النواب على أنه “لا تُفتح جلسة المجلس إلا بحضور الأغلبية من عدد أعضائه. ولا يجوز التصويت إلا عند توافر النصاب في قاعة الاجتماع”. وعدد الأعضاء يعني هنا مجدداً الأعضاء الفعليين.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن مجلس النواب كان قد أخذ مسألة الحرص على استمرار الأكثرية النيابية في المجلس بالاعتبار واحتاط لذلك. فأثناء الحرب الأهلية اللبنانية تقلص عدد النواب. وكان إجراء انتخابات فرعية متعذراً. فبعد أن وصل عدد النواب إلى 77 نائباً من أصل 99 نائباً، احتاط المجلس لاستمرار الحالة التي تمنع اجراء انتخابات فرعية، فأصدر في 29 أيار سنة 1980 قانوناً قضى باحتساب الغالبية المطلقة، أي أكثرية النواب المطلوبة لاكتمال نصاب الجلسات، محسوباً على أساس النواب الأحياء، ثم أصدر قانوناً آخر في العام 1990 قضى باحتساب النصاب على أساس النواب الأحياء إنما “حتى اجراء انتخابات فرعية أو عامة” (مقالة للأستاذ أحمد الزين – جريدة السفير 21/02/2011).
اقتراح سامي الجميّل
ولكن في المقابل، يُطرح سؤال نظري من الناحية الدستورية، ماذا لو استقال مئة نائب؟ هل يمكن الاستمرار في عمل مجلس النواب، ريثما يتم اجراء انتخابات نيابية فرعية كما تنص المادة 41 من الدستور؟ لا شك أن الحالة هذه تطرح تحديات دستورية وقانونية جد معقدة، ولا يمكن القفز فوقها، إلا أنه من الواضح أن الدستور لا يقدم أي حل للتعامل مع هذه الحالة.
بالنتيجة، وبسبب غياب النص الدستوري، وبسبب تعدد الآراء ربما حول كيفية التعاطي مع حالة (نظرية) كاستقالة أكثر من نصف النواب، يكون من الأجدى أن يقرر هؤلاء النواب المستعدين ربما للاستقالة، التصويت على القانون المعجل المكرر، المقدم من قبل النائب سامي الجميل، لتعديل المادة الأولى من قانون الانتخابات، وتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي.