دياب وحكومته المستقلّة.. وعقاب “الباور بوينت”

سيعاقب الرئيس المشككين والمعارضين بملفات "باور بوينت"

29 مارس 2020آخر تحديث :
دياب وحكومته المستقلّة.. وعقاب “الباور بوينت”
نادر فوز
نادر فوز
خرج الرئيس من مكتبه. لم ينسَ أن يطفئ الأنوار خلفه، فهو من سيسدّد فاتورة الكهرباء آخر الشهر. انتقل إلى مقعده في غرفة الجلوس، تابع نشرة الأخبار ومن بعدها خطاب المرشد العام.
كان التهديد السياسي الذي أطلقه أحد زملائه في السلطة لا يزال يطنّ في أذنيه.
استحوذت عليه عبارة “بلغ السيلُ الزُبى”، وما رافقها هذه من عبارات تهديد ووعيد.
وإذ بالمرشد، يؤكد على الموقف نفسه، بالتشديد نفسه، لكن بلهجة أقلّ حدّة: عودة المغتربين الآن قبل الغد. ليس الرئيس في موقف يُحسد عليه. أتى إلى موقعه لإدارة أزمة مالية وإفلاس محتوم، وإذ به يواجه فيروس كورونا.
ومع الفيروس أيضاً، يستمّر بوجه أعراض أمراض أخرى استحوذت على القوى السياسية، التي أتت به ونصّبته رئيساً للوزراء. أوبئة من نوع المحاصصة في التعيينات والإطاحة بموظفين تابعين لقوى معارضة مفترضة في البرلمان.
الرئيس حائر. أمام كل هذه الأزمات، هل ينسحب؟ حتى قراره هذا مصادر، إذ أشار المرشد في خطابه إلى أنّ الحكومة تبلي بلاءً حسناً، وأن الوزراء فيها يتحمّلون مسؤولياتهم على أكمل وجه، ولا ينقص إلا استكمال التعاضد والتكاتف لمواجهة الأزمة.

زحمة ملفات
سمع الرئيس الخطاب جيّداً وفهم أنّ الدعم السياسي موجود، وأن ظهره محمي.

لكن إلى متى؟ رئيس مجلس النواب يهدّد من جهة لعودة المغتربين، وحليف آخر يهدّد بالانسحاب في حال تهريب التعيينات.
وفي الملفين اسم واحد مشترك: رئيس التيار الوطني الحرّ، صهر رئيس الجمهورية، النائب جبران باسيل. يؤكد على ضرورة عودة “المنتشرين” ويصرّ على تمرير التعيينات.
يحور ويدور، حتى في عزّ الأزمات ليسجّل النقاط السياسية، في حين يطلب حلفاؤه منه ومن الجميع تأجيل الخلافات السياسية وحساباتها للخروج من الأزمة.
يقف الرئيس وسط كل هذا، تدور به الدنيا ويجلس على كنبته المفضّلة. الكل يحاصره، حلفاء وخصوم وثوار وشعب. والملفات تملأ مكتبه، مصرف لبنان ومصارف وتعيينات وكورونا وتحويلات مالية ومغتربين.
سيعيّن لجنة من الاختصاصيين الأخيار لكل منها، ويعالجها ملفاً تلو آخر

حسابات مدروسة
وفي زحمة الملفات هذه، ينقضّ وزير الداخلية ومعه قوى مكافحة الشغب على ساحتي الاعتصام في بيروت. يهري الخيام تكسيراً، ويوقف 6 ناشطين ويمنعهم من التواجد في اعتصامهم بحجة كورونا ومخاطر تفشيّه. من جديد، يقول لنا مسؤول آخر “أضربكم لمصلحتكم”.

فمن لم يتّعظ بعد من غزوات شبيحة الأحزاب وسحل القوى الأمنية، جاء من يؤدّبه بذريعة كورونا. وفضّ الاعتصام حساب سياسي مفهوم ومطلوب، من الحسابات المدروسة.
لا يدخل ضمن “الحسابات الأخرى”، وليس فيه نتش للحصص وتسجيل النقاط. هو موقف جامع ومطلب تؤيده أركان الحكومة وقواها السياسية وخصومها المفترضين أيضاً. ففي زحمة الأزمات، والتبرّعات أيضاً، لا وقت للتلهّي باعتراضات “ولادّية”.

في الغرفة نفسها، يجلس الرئيس ويفتح سجّل التبرّعات

يحوّل أموالها إلى الهيئة العليا للإغاثة، يلتقي صاحب مصرف أو تاجر ميسور ويدوّن الأرقام ويعيد الحسابات. حتى أنه بالإمكان الاستفادة من أموال المغتربين الراغبين بالعودة إلى لبنان تحت تهديد كورونا.

“كل شيء تحت السيطرة”، يقول لنفسه

يبتسم ويعلّق “لست في موقف أحسد عليه، بل الجميع يحسدونني”.

فالمرشد أعطى ضوءاً أخضر لتحريك أموال المغتربين والميسورين، ولا بد من أن يلّبي هؤلاء النداء.

أعطى المرشد الإرشادات وما على الحكومة إلا التنفيذ.

هذه وظيفتها أساساً كسلطة تنفيذية لمن نصّبها في موقع المسؤولية.

بين توجيهات المرشد وتهديدات متتالية من رئيس المجلس وفرقاء سياسيين بالانسحاب، وحسابات باسيل ونقاطه، لا يزال الرئيس مقتنعاً بأنّ الحكومة مستقلة، مؤلفة من وزراء تكنوقراط، “تعمل بضمير”.

ليس الوقت ملائماً أصلاً للتفكير بتفاصيل مماثلة. لكن إن أصرّ البعض على التشكيك فبإمكان الرئيس إعداد ملفات “باور بوينت” لإقناع الجميع باستقلالية حكومته.

سيعاقب الرئيس المشكّكين والمعترضين بعرض جديد إن اصرّوا. سيعيد إضاءة مصباح مكتبه ويعمل عليها، ولو أنه سيسدّد فاتورة الكهرباء حين تأتي، إن وصلت.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر المدن