“ألفاً أو 5 أو 50 ألفاً”؟ سألت الكتلة من بين جملة من الأسئلة الواقعية الأخرى. وطبعاً ليس من جواب رسمي واحد على سلسلة تساؤلاتنا هذه.
قجج منتشرة
فالمسؤولون، بحكومتهم وأحزابهم وجماعاتهم وطوائفهم، لم يتخيّلوا يوماً أن يكونوا أمام استحقاق مماثل. لطالما نظروا إلى الجاليات والمغتربين كقجج ثابتة، يحفظون فيها الأموال والناخبين والعلاقات ومشاريع الاستثمار والمال.
خرجوا من قجّة عمرها عقود صدّعتها الثورة، شقّقتها ثم كسرتها. وبنظر السلطة ومن فيها، لا بد من إعادة تلحيمها بكلمات من عيار “الزُبى” و”الانتشار” و”الجذور”.
أغلبية تعرف البلاء
من بين عشرات الأصدقاء المنتشرين حول العالم، لا يرغب أحد من المعارف العودة. حتى أنّ لا جرأة على طرح السؤال على بعض المقرّبين.
حق هؤلاء العودة اليوم قبل الغد طبعاً، إن كانوا مرضى أو أصحّاء. ومن واجبات الدولة أن تؤمّن لهم كل مستلزمات عودتهم، ورعايتهم وسلامتهم. لكنّ الأغلبية لا تريد العودة، لأنها تعرف جيداً ما في هذه البلاد من بلاء.
بلاء مؤصّل
قطاعنا الاستشفائي غير حاضر لاستقبال اللبنانيين القادمين من الخارج. هذا باعتراف نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، ومسؤولين في القطاع الطبي، ومسؤولي لجان طارئة وكل من امتلك الجرأة لقول ذلك في وجه القرار السياسي الذي يفرض عودة “المنتشرين”.
يسأل كثيرون كيف لمن أجبَرَنا على الاغتراب أن يعيدنا إلى لبنان اليوم؟ فمن هجّر الناس في الحرب والسلم على حدّ سواء، لا يمكن أن يعيدها في زمن كورونا.
ويُتبع السؤال بجواب منطقي: ثمة فائدة سياسية من كل ذلك، لا شك! سلطتنا لا تفعل شيء عن طيب خاطر. علّمتنا أن وراء كل أزمة “لحسة إصبع”، ومن كل صندوق أو مجلس فائدة أو تنفيعة.
العائدون، ستخنقهم هذه الوجوه وهي تطمئنهم قائلةً إنه “لا داعي للهلع”.
سيجدون الغربة هنا، حتى لو ترافقت مع صحن مجدّرة أو ملوخية أعدّتها يدي الأمينة الحنونة. هنا الغربة في كل معانيها، هنا الجحيم.
فمن يرغب العودة إلى الجحيم؟ ربما من يعيش جحيماً أكثر حماوة.