عن حظّ حسّان دياب.. بانتظار ثورة الجياع

14 أبريل 2020آخر تحديث :
عن حظّ حسّان دياب.. بانتظار ثورة الجياع
زياد عيتاني
زياد عيتاني

محظوظ الرئيس حسان دياب لأربعة أسباب، الأوّل أنه ينتسب لطائفة لا تحاسب في السياسة، كما أنها لا تجيد العداء. فهي لم تحاسب الكثيرين من أبنائها، الذين كانوا في سُدّة المسؤولية قبله، وهكذا، من غير المتوقع أن تحاسبه. أما السبب الثاني، فإن الرئيس دياب وفي صفاته الشخصية، إضافة لصفة النسيان التي يتمتع بها كلّ إنسان، فقد مُنِحَ صفة عدم المبالاة بما يحصل من حوله، والقدرة على أن يحاور نفسه بنفسه، دون الحاجة لآخر يتحاور معه. أما السبب الثالث، أنّ من سبق الرئيس دياب في السراي الحكومي عبر سوء إدارته، جعل أيّ عمل، صغيراً كان أم كبيراً، يُصوّر على أنّه إنجازٌ كبير. فالناس عادة تقارن الحالي بما سبقه. أما السبب الرابع للمحظوظية هو أن الرجل، الذي كان يرتعب من الثورة والمجتمع الدولي، جاءت جائحة الكورونا، لتعطّل الأولى وتُلهي الثاني. وأكثر من ذلك، فالرجل، وبالاستعانة بالسبب الثاني الموجود بصفاته الشخصية، يستعدّ للاحتفال وإعلان الانتصار على الفيروس الخطير، كثاني دولة في العالم بعد الصين.

رضى والدة الرئيس دياب عليه، وهو المتعلّق بها كثيراً – وكلنا يذكر الرسالة التي وجّهها اليها عبر إحدى الصحف عندما سُمّي وزيراً للتربية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي – هو السبب الرئيسي بهذا الحظ الكبير والمتراكم. إذ سُخّرت كلّ الظروف، المؤلم منها والمفرح، السيء والخيّر فيها، لمصلحته ومصلحة حكومته.

جائحة الكورونا ستنحسر، وعاجلاً أم آجلاً سيعود اللبنانيون إلى حياتهم الطبيعية. وسنشهد مؤتمراً صحافياً في السراي الحكومي، إن “سمح” الرئيس ميشال عون بعقده هناك، ليعلن الرئيس دياب، وعن يمينه وزير الصحة حمد حسن، وعن يساره وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، أنه انتصر على الفيروس، وقد حقّق للبنانيين ما عجز عنه دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأميركية وأنجيلا ميركل في ألمانيا وإمانويل ماكرون في فرنسا. وسيتوّج الرئيس دياب نفسه تحت أنظار وابتسامات مستشاريه بطلاً لبنانياً قومياً حقّق الانتصار على الكورونا. ولِمَ لا؟ فكثيرون هم الأبطال في التاريخ اللبناني تُوّجوا من دون أن يحقّقوا أيّ إنجاز، من معركة الاستقلال وصولاً إلى معركة استخراج النفط من المياه الاقليمية. لقد استبق الرئيس دياب عبر وزيرة الاعلام كلّ ذلك عندما أعلن أن حكومته حققت 57% مما وعدت به..!

الرئيس دياب وكما يبدو مطمئن إلى فائض الحظ الذي يملكه، بخاصة أنّه، ولكلّ الأسباب والظروف التي ذكرت سابقاً، تمكّن من دمج فائضه مع فائض القوة الذي يملكه حزب الله، الحامي الأول للحكومة، والذي باتت المسافة بينه وبين الرئيس سعد الحريري تفوق المسافة الطبية بين الناس، بسبب الكورونا، والمقدّرة بمترين. فما كان يرفض حزب الله إعطاؤه للرئيس الحريري بات يُعطى للرئيس دياب، ليس كيدية سياسية ضد الحريري، بل على قاعدة “مُكره أخوك لا بطل”.


قد تكون الأجهزة الأمنية نجحت بفكّ ساحات الثورة بحجج متنوّعة من ساحة الشهداء وصولاً إلى ساحة النور. إلا أن ما لا يمكن تفكيكه هو جوع الناس ومستوى البطالة الذي بلغناه قبل كورونا وسيتضخّم إلى حدّه الأقصى بعد كورونا


اطمئنان الرئيس دياب، لا يستند على معطيات صلبة، كي يُبنى عليه ضمان استمرار الحكومة. فما يجب أن يدركه أن ما بعد كورونا ليس كمثل ما قبل كورونا على كافة الصعد الاقتصادية والنقدية والسياسية والطبية. فالأرقام التي تصدر عن المؤسسات الدولية عن الوظائف التي سيخسرها الناس بعد كورونا تثير الهلع. والانكماش الاقتصادي الدولي لن يكون لبنان بمنأئ عنه. وكلّ هذه المعطيات تؤسّس لواقع يفوق فائض الحظ عند دياب ومعه فائض القوة عند حزب الله.

قد تكون الأجهزة الأمنية نجحت بفكّ ساحات الثورة بحجج متنوّعة من ساحة الشهداء وصولاً إلى ساحة النور. إلا أن ما لا يمكن تفكيكه هو جوع الناس ومستوى البطالة الذي بلغناه قبل كورونا وسيتضخّم إلى حدّه الأقصى بعد كورونا.

على الرئيس دياب وحكومته، ومعه كلّ من يدعمه، أن يدركوا أنّ بعد كورونا الموجة الثانية من الثورة آتية، هي ثورة الأمعاء الفارغة، والصرخات الجائعة. وسيشترك فيها الجميع، من الخندق الغميق مروراً بالطريق الجديدة وصولاً إلى جل الديب والذوق وجونية وطرابلس، وانتهاءً بعكّار والبقاع وصور.

ولكي نصدق الرئيس دياب وحكومته القول: “فالأمر لا يدعو للاطمئنان إلى الحظّ”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر أساس