كورونا يكشف عزلة لبنان

21 أبريل 2020
كورونا يكشف عزلة لبنان
طوني فرنسيس
طوني فرنسيس

يفترض باللبنانيين جميعاً أن يستوعبوا تجربة الشهور الأخيرة ودروسها، خصوصاً في مرحلة “كورونا” للخروج ببعض الاستنتاجات العاجلة:

الدرس الاول، ان حكامهم المنتخبين والمعينين والممدّد لهم او الوارثين، قاموا بشفط فلوسهم بواسطة كتيبة المصارف، فاغتنوا وأثروا وأفلست الدولة والبنوك وضاعت أموال المواطنين او هي في طور الضياع.

الدرس الثاني، ان الحكام أنفسهم يحاولون فرض توقيع المواطن الضحية على محضر سرقته لجعله يدفع ثمن ما ارتكبوه باسمه ولأجله.

الدرس الثالث، ان اعتقاد بعض الحالمين من الحكام، وهذا امر مشكوك فيه، بإمكانية النمو وجلب الاستثمارات لسداد الديون المستحقة للمواطنين اصحاب الودائع، هو اعتقاد واهم في ظروف الحرب المفتوحة التي يمارسها طرف في السلطة ضد “الرجعية العربية والصهيونية والإمبريالية والشيطان الاميركي الأكبر”… اضافة الى أعداء الداخل “الذين يتدرجون بين عملاء سفارة وطوائف غير ملائمة!”.

كل ذلك تأكد عشية الانتفاضة، وزاد في تأجيجها، وعندما هجم الوباء تُرجمت الدروس المذكورة بأخرى إيضاحية وتأكيدية.

لم يتطلع أحد الى بلاد الحرف بحرف واحد. صحيح ان الوباء فاجأ وشل قوىً عظمى، الا انه أبقى على خيط تضامن بشري وانساني بين الدول والشعوب، تحكمه مصالح واهداف سياسية لا تخفى على احد. فقد حرصت دول خليجية على مساعدة ايران خصمها التاريخي، وحركت بكين طائراتها محملة ببعض المساعدات المجانية والكثير من بضائع الأزمة نحو أوروبا واميركا والعالم العربي، وفعلت روسيا بالمثل فيما لبت كوبا طلبات دعم من عدة دول. وقامت دول اخرى بأعمال مماثلة رغم ارتباكها، فالوباء فرض حسابات وكشف وقائع، وما ناله لبنان بسببه جاء انكشافاً تاماً له. بدا لبنان البلد المضيء بحيوية أفراده وحضورهم في العالم، فرداً يتيماً على مائدة العالم، لم ينظر في أمره أحد ولم يتلقّ من المساعدات الا الشيء الذي لا يُذكر. والسبب ان العالم العربي والعالم الأوسع فقد ثقته بطاقم حكام نهبوا واستباحوا بلدهم وأبقوه ساحة للانتصارات التاريخية التي لا نهاية لها.

لقد صمد لبنان بسبب حيوية شعبه وتنوعه وحركية مجتمعه المدني. ربما هذا سبب قدرته على الاستمرار منذ 1975 في وجه الحروب والاجتياحات ثم الانتصار عليها، وهو سر صموده حتى الآن واصراره على حكومة تنفذ مطالب 17 تشرين، وعدم توقفه عند تنازع ناهبيه على جلد دب يجري البحث عنه ولم يظهر بعد.

المصدر نداء الوطن