مجلس فيدرالية الكتل النيابية.. كلّ يشرّع لجماعته

كانت الغاية إعادة الاعتبار لمرجعية المجلس فجاء النتيجة تهافت المجلس نفسه

23 أبريل 2020
مجلس فيدرالية الكتل النيابية.. كلّ يشرّع لجماعته
منير الربيع
منير الربيع

طوق المجلس النيابي بكتله المختلفة نفسه بنفسه هذه المرّة. ربما لو تجنّب المجلس عقد هذه الجلسات التشريعية والتذرع بكورونا لعدم عقدها، لكان وفّر على نفسه الكثير.

مجالس بكتل كثيرة

نجحت ثورة 17 تشرين في تعطيل جلستين تشريعيتين سابقاً، فيما فشلت في تعطيل جلسة منح الثقة للحكومة. في الجلسات الأخيرة، عطّل المجلس نفسه بنفسه. فكانت أبرز المؤشرات على تحلل الدولة وترهلها في لبنان.

انقسم المجلس إلى مجالس بكتل كثيرة. لكل كتلة مجلسها وتشريعاتها، المنقسمة على أسس طائفية ومذهبية. غلب طابع التفاهة على المداولات، وتقدّمت المبارزة على التشريع. مشهد هزيل، وسجالات شنيعة كان أفضل تجنّبها.

بلاد تمرّ في أسوأ أزماتها الوجودية. نموذج سياسي – اقتصادي يتهاوى بكليته، بسلطاته التشريعية والتنفيذية ويُراد لسلطته القضائية أن تسقط أيضاً.

صراع على النفوذ المالي يدفع اللبنانيون ثمنه من ودائعهم ومستقبلهم. لم يخرج المجلس النيابي بقانون أو تشريع يعطي إشارة تحمّل المسؤولية والسعي إلى الخروج من المأزق.

ضاعت الكتل في نزاعات الطوائف على مشاريع واقتراحات قوانين.

الموقوفون والحشيشة
ما سيبقى في ذاكرة اللبنانيين من هذه الجلسات، هو تشريع الحشيشة، والتنازع على قوانين العفو العام.

لكل جزيرة طائفية كان مشروعها واقتراحها. فالعفو عند الشيعة لتجار المخدرات، والذين ينقسمون بين المزارعين، والمروجين الصغار والتجار الكبار.

وعند السنّة هم الموقوفون الإسلاميون، محكومين وغير محكومين، وبينهم من مضى على سجنه أكثر من عشرين سنة ولا يزال في السجن من دون محاكمة. وفي الاقتراح إشكالية عدم شمول العفو لمن أطلق النار على الجيش.

لا توازن طائفياً
تقدّمت الكتل على اختلافاتها بأربعة اقتراحات قوانين للعفو العام: اثنان من الشيعة، وآخران من السنّة. لدى الشيعة اقتراح من الجنوب والثاني من البقاع.

ولدى السنّة واحد من الجنوب وصيدا تحديداً، والثاني من الشمال. فيما عارض المسيحيون إقرار أي من هذه الاقتراحات، لعدم “التوازن الطائفي”.

اجتمعت القوى المسيحية على اختلافها رافضة إقرار قانون العفو.

الذرائع كثيرة في هذا المجال، لكن الهدف واضح: تريد القوى المسيحية في حروبها وصراعاتها الشعبوية على الساحة المسيحية، أن يُقرن قانون العفو بالعفو عن العملاء الذين تعاملوا مع العدو الإسرائيلي وغادروا لبنان مع انسحاب القوات الإسرائيلية في العام 2000.

طبعاً هذا ملف يجب أن يحلّ، ولا يمكن أن يبقى عالقاً لأكثر من عشرين سنة.

هنا الجميع يبحث عن مكسب أو ربح.

فمن سار مع قانون العفو، يظل القانون كابوساً عنده في حال عدم إقراره.

طالما بادر الطرف الآخر إلى إسقاط الاقتراح. ومن رفض السير بالقانون يبقى على ربحه أمام بيئته وجمهوره بأنه أجهض إقرار عفو عام عن “المسلمين لا يشمل المسيحيين”.

وهكذا يقول الجميع، كل لأبناء بيئته أنه قام بواجباته، بينما الآخرون المختلفون هم الذي عرقلوا وأعاقوا وأجهضوا.

صورة هزلية
الصورة الهزلية لمجلس النواب، يختصرها إقرار تشريع الحشيشة، مقابل عدم إقرار العفو العام.

فتصبح زراعة الحشيشة مشرّعة، بينما الموقوفون بتهمة زراعتها لا يزالون في السجون.

وتلك الصورة هي الأبرز على كيفية دفع اللبنانيين سنوات أعمارهم وما لديهم على مذبح حسابات شعبوية وسياسات ارتجالية.

في ظل حركة الحكومة، والتي تتجاذبها خلافات كثيرة، لا بد للرئيس نبيه بري من أن يثبت فاعلية المجلس وحضوره. لا يمكن غياب مجلس النواب في مثل هذه الحال، ولو لم يخرج بقوانين.

كانت الغاية إعادة الاعتبار لمرجعية المجلس. وإن كانت نتيجتها تشبه فيدرالية الكتل النيابية المقنعة.