شهد “بلكوننا” في الأيام الأخيرة تحولات جذرية وبدا في حلّته الجديدة أقرب إلى جلّ خضروات منه إلى حيّز مريح للتأمل التجاوزي، وارتشاف كوب “نيسكافيه غولد” من مخلفات عهد البحبوحة. ما كنت أنتظر سوى إشارة أو دفشة صغيرة أو أمر عمليات كي أنخرط بكليتي في “الجهاد الزراعي”.
قبل أيام نزلت إلى بلاد جونيه واشتريت شتولاً “بالغلا والكوى”: بندورة، خيار شمسي، قيثاء، بامية، خس افرنجي، كايل وفاصوليا عريضة، وذلك بعدما استأذنت جاري بربط خيطان بين بلكونه وبلكوني ونلت منه وعد شرف أن يستفيد من عامل الإستثمار، فكل ما يدخل في نطاق شرفته يقطفه هو. في أي حال يبدو أنني تأخرت قليلاً على الموسم.
لا بأس. مع قليل من الأسمدة قد أقطف عناقيد بندورة في هذا الزمن الصعب. وإلى الشتول ابتعت من الـ Tourbe ما يملأ صندوق سيارة وخلطته بتربة زراعية فحصلت على تراب أغلى من الذهب. إبتعت كذلك أحواضاََ بلاستيكية بأسعار مخيفة ولمت نفسي كثيراً أنني لم أحتفظ بـ”مجامع” النيدو وسمنة البقرة الحلوب.
ولاستكمال التتريب بالتسميد، أوصيت على كيس “زبل” من القرية وكان على العائلة وسكان البناية، بعيد وصول الطلبية، تحمل رائحة الميثان والغاز الحيوي.
وبدأ تقسيم البلكون على مساكب البقول وpots الخضار، والجميل في الأمر أنك تشعر بمرورك بين الصالون وبلكون الصالون أنك تطلع من الساحل إلى الجبل. بثوان يتغير المشهد والطقس.هيدا لبنان وهيدا جوّنا وهيدي مقاومتنا. والأروع أن تطبع بحذائك الرياضي على الرخام، طبعة ترابية مختصرها: عماد مرّ من هنا. ولكم أن تتخيلوا النتائج المزلزلة بعد انكشاف الآثار على البلاط.
إن أردت أيها المواطن إنتهاج خط “الجهاد الزراعي” أو “الزراعة المقاوِمة” فعليك ان تدرك ما أنت مقدم عليه وما ينتظرك من مصاريف، وقد تضطر لشراء خزان إضافي مخصص للري وأن تقتطع من موازنتك مبلغاً لسيترن “أبو الجوج”. بدراسة عاجلة سيتبين أن جاط فتوش من مزروعات البلكون سيكلّفك أكثر من وجبة من لحم بقر الواغيو الأسترالي ذي الجذور اليابانية.
بالإنتقال من البلكون إلى السطح فقد اقتطعت منه جزءاً لزراعة اللقطين والعنب وذلك قبل كلمة السيد حسن نصرالله التوجيهية، وأعطيت “النصبات” والشتول “أوفر دوز” من الفيتامينات والأسمدة كي “يحرز” الإنتاج، وعرّشت الدوالي بطرق مبتكرة. إعتبرت انني قمت بعمل وطني تنموي على طريق تنمية الزراعة “المدينية”، إلى أن فوجئت أمس بجاري يدخل علي كالغضب الساطع وأبلغني بنبرة عالية “أن الـ france 24 مش جايي ولا السكاي نيوز جايي ولا حتى المنار”، أجبت ببراءة: و”أنا شو خصني؟”. شو خصك؟ طلاع شوف اللقطين كيف معربش على الدش”.