على عاتقين تقع مسؤولية فرملة تفشي جائحة كورونا خلال اقفال البلاد اعتبارا من السبت 14 الجاري ولغاية الثلاثين منه.
الاجهزة الامنية المنوط بها حسن تنفيذ القرارات الرسمية التي اتخذها المجلس الاعلى للدفاع وعدم التهاون مع المخالفات لا سيما في المناطق الشعبية حيث الاكتظاظ السكاني والاستهتار على أشدّه، والمواطن المفترض ان يلتزم بالاجراءات والتدابير لحماية نفسه واهله واحبائه وتجنب الوصول الى لحظة يضطر فيها الى دخول المستشفى فلا يجد سريرا، ويضع القطاع الصحي امام الخيار الاصعب المفاضلة بين مصاب وآخر وبين شاب وعجوز وبين روح واخرى على غرار السيناريو الايطالي الدراماتيكي الاشدّ وطأة والاكثر سوداوية.
واذا كان المشهد الصحي بلغ مبلغا خطيرا اوجب اتخاذ قرارات موجعة فإن المشهد الحكومي لا يبدو اقل سوداوية ولا بد سيوجب قرارت مماثلة لاخراج الحكومة الى النور، فمن يصرخ اولا، وهل يتحمل الرئيس المكلف سعد الحريري تقديم المزيد من التنازلات التي دكّت المبادرة الفرنسية الانقاذية الى درجة الاضمحلال، وقد انقضت المهلة الممدة اربعة الى ستة اسابيع التي حددها الرئيس ايمانويل ماكرون للمسؤولين لتشكيل الحكومة والشروع في الاصلاحات بنتيجة صفر انجازات، وهو يوفد الى بيروت غدا مستشاره باتريك دوريل حاملا رسائل قاسية الى المسؤولين ” اما تعودون الى المبادرة وتلتزموا تعهدات قطعتموها للرئيس الفرنسي او تتحملون تبعات اقترافاتكم بحق لبنان وشعبه”.
اقفال تام: حسمها المجلس الاعلى للدفاع اليوم ورسم خريطة طريق الدولة اللبنانية لوقف تفشي فيروس كورونا، وعصبُها الاقفال التام من جديد. فأصدر المجلس عقب اجتماعه قبل الظهر في قصر بعبدا، سلسلة قرارات معلنا الإقفال التام والشامل لكل المؤسسات العامة والخاصة ومكاتب أصحاب المهن الحرة من صباح السبت 14 تشرين الثاني المقبل ولغاية صباح يوم الإثنين الواقع في 30 تشرين الثاني.
واستثني من القرار بعض القطاعات، ومنها المطار، والمصارف وخدمة الديليفيري والمطاحن والافران وكل ما له علاقة بتخزين وتصنيع المنتجات الغذائية والزراعية، والصيدليات والمستشفيات والاعلام وكل ما يتعلق بتأمين المحروقات…
لتجاوب المواطن: وأكّد رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ قرار الإقفال سيكون على مستوى الوطن، مع مراعاة بعض القطاعات والمصانع والمؤسسات الاستشفائية لتتمكن من القيام بالمسؤوليات الملقاة عليها.
وقال في مستهل الإجتماع : “الوضع المترتب عن تفشي وباء كورونا اصبح خطراً جداً، وهناك ضرورة لاتخاذ إجراءات تساعد على احتوائه وتخفيف تداعياته، لتمكين المؤسسات الصحية من القيام بدورها في معالجة المصابين”.
واعتبر أنّ للتمكن من احتواء الوباء يترتب على المواطنين التجاوب مع الإجراءات التي سوف تتخذ والتزام سبل الوقاية، والتعاون مع الجهات المختصة.
دياب: من جانبه، أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بعد اجتماع الاعلى للدفاع أنه تقرر الإقفال التام بدءاً من السبت 14 تشرين الثاني لغاية الاحد 29 من الشهر الحالي، محذرا من أنه “إذا استمرّ مؤشر الإصابات مرتفعاً فإنّنا قد نضطر لتمديد الإقفال فترةً إضافيّة”.
ولفت إلى أن “كلّ البلد أصبح في وضع حرج ولا يمكننا الاستمرار بتطبيق خطة الإقفال الموضعي لأنّه لم يحقق الهدف المطلوب”، مضيفا: “هناك قرار حازم بمواجهة تفشّي الوباء لمنع انهيار الواقع الصحي في البلد في مواجهة كورونا وأناشد اللبنانيين الالتزام بالإجراءات الصحية والتدابير التي اتخذناها ورهاننا على وعيهم للخطر وأن يكونوا شركاء في هذه المواجهة الصعبة”.
واشار إلى أن تم في السابق “اعتماد خطط عدّة لكنّها كانت تصطدم بعدم التزام قسم من الناس والالتفاف على الإجراءات وكأنّ الأمر مجرّد مخالفة فيما الواقع غير ذلك تماماً إذ بلغنا اليوم الخط الأحمر بعدد الإصابات وبلغنا مرحلة الخطر الشديد في ظلّ عدم قدرة المستشفيات على استقبال المصابين ولقد طلبنا رفع الجهوزية في القطاع الصحي ومن الأجهزة الأمنية التشدد في تطبيق قرار الإقفال في كلّ المناطق من دون استثناء”، وفق قوله.
الوضع الصحي: خلال الاجتماع، عرض وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن واقع القطاع الصحي والاستشفائي ومطالب القطاعات المعنية التي قضت بضرورة اتخاذ القرار اللازم بالإقفال العام. كما شدد على اهمية ان تواكب الاجهزة العسكرية والامنية هذا القرار لحسن تطبيقه.
وأبلغ وزير الصحة الحضور ان الاتصالات جارية لتأمين اللقاحات اللازمة التي تبين أنها مجدية. كما أكد ضرورة رفع الجهوزية الاستشفائية لزيادة عدد الاسرّة لمعالجة المصابين.
وعرض نقيب اصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الواقع الاستشفائي وشدد على الوضع الحالي الصعب الذي يعاني منه هذا القطاع وعلى أن المستشفيات لن تتهاون لتأمين اللازم للمرضى إنما ضمن إمكانياتها المادية والتجهيزية والتشغيلية.
من الـ5 الى الىـ5: عمليا، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي للـLBCI العودة إلى قرار المفرد والمزدوج خلال مدة الاقفال كما منع السير يوم الأحد.
وسيسري الاقفال من الخامسة عصرا ولغاية الخامسة صباحا.
التربية: الى ذلك، أصدر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب بياناً جاء فيه: “تتابع المؤسسات التعليمية، الرسمية والخاصة، التعلم عن بعد من دون التعلم الحضوري لباقي أيام هذا الاسبوع.
وستصدر الوزارة لاحقا، استنادا الى النصوص المتعلقة بالاقفال، قرارات تنظّم العمل والتعلم عن بعد خلال هذه الفترة”.
عربيد: في المقابل، وعقب اجتماع تشاوري وتشاركي في مقرّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي حضره الى رئيس المجلس شارل عربيد، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، رئيس الاتحاد العمالي العام بشاره الأسمر (…)
قال عربيد: تعالجون النتائج ولا تعالجون الأسباب.. من هذا المنطلق، نأمل في ألا تكون فترة الحجر المفروضة غير مجدية، بل ان تكون مدة كافية لإعادة ترتيب وضع القطاعات الصحية والبحث في السبل الأجدى لإعادة فتح البلاد على أسس اقتصادية ومجتمعية واضحة ووضع استراتيجية اقتصادية ومجتمعية للتعايش مع “كورونا” وعدم الاكتفاء بالاقفال وإعادة الفتح ( stop and go ) من دون مقوّمات أو خطط سبقتنا إليها بعض الدول وعلينا الاتعاظ من تجاربها في التعويض على المتضرّرين من الإقفال العام.
أضاف: لا بد من اتخاذ القرارات التشاركية مع القطاعات الإنتاجية خصوصاً تلك التي تتحمّل الأعباء المعيشية والاقتصادية للعاملين لديها، ولذلك فلا بد من أن نعود الى حياتنا الطبيعيّة وفق أسس جديدة وبالتالي تأمين ديمومة العمل واستمراريّته .
أما في موضوع وقف الدعم، فأشار عربيد إلى “عدم جواز رفع الدعم المطلق في ظل الأوضاع الحالية.
وهذا لا يعني ان يطاول الدعم الغني والفقير على السواء ولا اللبنانيين وغير اللبنانيين بالطريقة ذاتها، فنحن بحاجة ماسة الى ضرورة ترشيد الدعم وتهديفه والتأسيس لشبكات أمان قائمة على التشاور والتشارك لحفظ الأمن الغذائي والاجتماعي والمجتمعي”.
لا تقدم: ووسط الازمة الصحية – المالية – الاقتصادية المتفاقمة، لا تقدم حكوميا. فقد افيد ان لقاء الأمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري لم يفض إلى نتيجة، وان لا مداورة في الحقائب الأساسية ويُبحث اليوم في إعادة ترتيب في الحقائب الخدماتية، واشارت محطة ام .تي. في الى ان “الموفد الفرنسي باتريك دوريل الذي يصل مساء غد إلى بيروت سيلتقي عون والحريري ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اضافة الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط”.
موفد فرنسي: بدورها، قالت مصادر دبلوماسية غربية ان الزيارة الفرنسية لبيروت تأتي بعيد انقضاء مهلة الاسابيع الخمسة التي مددها ماكرون للمبادرة في مؤتمره الصحافي ،على اثر اعتذار السفير مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة في 26 ايلول الفائت، بحيث يستوضح الموفد الرئاسي المسؤولين اللبنانيين عن مدى التزامهم بالمبادرة التي تعهدوا تنفيذها، والا وخلاف ذلك، يعني تحمل تبعات سقوطها، بما يعني هذا السقوط على مستوى مصير لبنان الذي حذر وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان من زواله عن الخريطة في ما لو لم ينفذ الاصلاحات.
هذه الاصلاحات هي الاهم، تضيف المصادر بالنسبة الى باريس، لا شكل الحكومة ولا من فيها. الموفد الفرنسي دوريل سيدّق الباب اللبناني مجددا فهل يسمع الجواب الشافي ام يقرر القيمون على الوطن المضي في دربهم نحو الزوال؟
“الشرعي الاسلامي”: وفي السياق، استغرب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي عقد جلسة في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان،استمرار تعطيل وعرقلة جهود الرئيس سعد الدين رفيق الحريري المكلف تأليف حكومة جديدة تعمل على إنقاذ لبنان من ازمته الخانقة وإخراجه من دوّامة الفراغ السياسي الذي يدور فيه على غير هدى”.
واعتبر “ان لبنان احوج ما يكون اليوم الى حكومة انقاذ وطني تكون على مستوى التحديات التي يواجهها، وتتمتع بثقة الرأي العام اللبناني والمجتمعين العربي والدولي. واوضح “ان تقاذف الاتهامات التعطيلية ما هو إلا تعبير عن عقلية المساومات الرخيصة لتحقيق مكاسب شخصية او حزبية او فئوية لا تمت الى المصلحة الوطنية.
ومن المحزن والمخزي معاً ان يجري ذلك في وقت يتواصل فيه تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، مع ازدياد نسبة المهاجرين من اصحاب الكفايات ومن الشباب”.