الخليجيون لمّوا الشمل ويستعدّون لإيران.. والحزب “يعلم”

7 يناير 2021
الخليجيون لمّوا الشمل ويستعدّون لإيران.. والحزب “يعلم”
إيلي الحاج
إيلي الحاج

كان يحوط طيف أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قادة الدول الخليجية في القمة الحادية والأربعين لمجلس التعاون في مدينة العلا السعودية، فهو الذي بذل جهداً حثيثاً مدى سنواته الثلاث الأخيرة لإعادة لمّ الشمل بعد الخلاف الكبير مع قطر، على خلفية اتهامات للدوحة انضمت إليها مصر بدعم جماعات متشددة والتقارب مع إيران على حساب مصلحة دول الخليج.

بسحر ساحر أمكن تجاوز الخلاف مع الدوحة فعادت المياه إلى مجاريها، ووقّعت دول المجلس ومعها مصر اتفاقاً لإنهاء الأزمة.

زالت المقاطعة وفتحت الحدود البرية والبحرية والجوية بين السعودية وقطر بعد إغلاق استمر ثلاث سنوات ونصف السنة، ورجعت الدوحة إلى بيئتها الخليجية العربية ومجلس التعاون الذي تأسس قبل أربعين عاماً.

في الشكل كان تجيير هذا الإنجاز للكويت، ممثلة بأميرها الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح ووزير خارجيته الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح. في الجوهر كان إنجازاً لكبير مستشاري الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنير، الذي حضر الاحتفال بالتوقيع.


حتى اليوم لا تريد إيران التورط لكنها تبتز ّوتستفز. العرب يجمعون عناصر قوتهم. أميركا تلوّح باستخدام القوة في آخر أيام ترامب المعدودة إذا تعرضت لهجمات وتسيّر استعراضاً عسكريا


التحدي الإيراني كان حاضراً بالطبع. إن لم يكن الغالب على الأجواء. إيران التي لم تخفِ نياتها توجيه ضربات إلى الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية انتقاماً لقتلها قائد “الحرس الثوري” اللواء قاسم سليماني، في ذكراه الأولى. وهو أي سليماني الذي جهدت طهران والتنظيمات الدائرة في فلكها لرفعه إلى مستوى أيقونة، والذي كان يُعدّ في دول الخليج مهندس الاضطرابات في العالم العربي.

إلا أن رفع الصوت بالإنتقام له كان مجرد وسيلة تعبير عن ضيق إيران بالحصار الاقتصادي والمالي الذي بات خانقاً عليها.

والحال أن طهران فقدت قدرتها على رسم ملامح واضحة لسياستها مع واشنطن بين ترامب وخليفته الذي فاجأها فوزه بالرئاسة الأميركية، جو بايدن.

تحضرت مع ترامب لمعاودة المفاوضات حول البرنامج النووي لو فاز، وإن في ظل عقوبات مضاعفة عليها.

مع بايدن ستذهب إلى مراوحة طويلة ومرهقة لم يظهر أفقها بعد. بعضهم في واشنطن يتحدث عن ضغط فريق تابع للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في الكونغرس لرفع العقوبات فوراً والعودة إلى المفاوضات.

لكن هذا الفريق لا يزال ضعيفاً لا يتجاوز 150 عضواً من أصل 535. أما التوجه العام فإلى استمرار الضغط على إيران وترك المفاوضات إلى مرحلة لاحقة قد تستغرق سنة ريثما يثبت بايدن سياساته الداخلية والعالمية. أمامه وقت وإيران على نار.

لذلك لجأت إلى التصعيد لفرض الحوار معها على الإدارة الجديدة.

من جهة أعلنت معاودة تخصيب الأورانيوم إلى نسبة 20 في المئة في انتهاك للاتفاق النووي المعلق.

واحتجزت ناقلة نفط كورية جنوبية عند مضيق هرمز “مذكّرة” بثمانية مليارات دولار عائدة لإيران جمّدتها السلطات في العاصمة الكورية الجنوبية سيئول بناء على العقوبات الدولية في حق طهران.


العالم تغير كثيراً منذ 1981 وفي شكل لم يكن يتصوره عقل. التهديد الإيراني للعرب ولا سيما للخليجيين دفعهم لتغليب الأهم والملح على المهم، وصارت إسرائيل جزءاً من معادلة القوة في الشرق الأوسط من خلال تطبيع العلاقات


هذا الجو الشديد التوتر دفع متابعين في واشنطن وعواصم عربية إلى الحديث عن احتمال توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية المقامة تحت الأرض في الأيام المتبقية قبل انتهاء ولاية ترامب في 20 كانون الثاني الجاري، على غرار تدمير “مفاعل تموز” في العراق أيام صدام حسين في 7 حزيران 1981 في غارة قامت بها مقاتلات جوية إسرائيلية وسميت “عملية أوبرا”.

لم يرد على تلك العملية صدام حسين الذي كان منهمكاً في حربه المضنية مع إيران والتي أنهكت قدرات البلدين على مدار 8 سنوات، من 1980 إلى 1988. تماماً كما لم ترد إيران على اغتيال سليماني والقيادي العراقي الموالي لها أبو مهدي المهندس.

لكنّ العالم تغير كثيراً منذ 1981 وفي شكل لم يكن يتصوره عقل.

التهديد الإيراني للعرب ولا سيما للخليجيين دفعهم لتغليب الأهم والملح على المهم، وصارت إسرائيل جزءاً من معادلة القوة في الشرق الأوسط من خلال تطبيع العلاقات.

والتطور التكنولوجي جعل الإستغناء ممكناً عن الضربات العسكرية واستبدالها بهجمات إلكترونية سيبرانية لتدمير منشآت العدو وبرامجه التهديدية.

يقدم تفجير منشأة نطنز النووية الإيرانية في تشرين الثاني الماضي أوضح تموذج عما يمكن أن تذهب إليه المواجهة المتصاعدة في ظل عجز إيران عن الردّ بالمثل، وحتى على الغارات الجوية المباشرة والكثيفة التي تتعرض لها مواقعها وإنشاءاتها في سوريا.

حتى اليوم لا تريد إيران التورط لكنها تبتز ّوتستفز. العرب يجمعون عناصر قوتهم.

أميركا تلوّح باستخدام القوة في آخر أيام ترامب المعدودة إذا تعرضت لهجمات وتسيّر استعراضاً عسكريا بحاملة الطائرات النووية “مينيتز” وطائرات “ب – 52” القاذفة العملاقة .

ومن يدري قد يلجأ ترامب إلى فرض أمر واقع على خليفته بايدن في التعامل مع إيران وهو فعل إلى حدّ كبير. إسرائيل على أهبة وتتوعد بجعل لبنان مع غزّة خط مواجهة أمامية. لكنّ “حزب الله” هذه المرة لا يمكنه الزعم أنه لم يكن يعلم.

المصدر أساس