إلى جبهة تنهي انعزال لبنان عن العرب والعالم؟

2 فبراير 2021
إيلي الحاج
إيلي الحاج

جبالٌ من الحواجز تعترض نشوء جبهة معارضة وطنية لهيمنة “حزب الله” على لبنان. لكن الأخطر من الشرذمة والاستسلام للسيطرة الإيرانية على هذه البلاد هو حال عدم الاكتراث العربي والدولي بمصيرنا في شكل لم يسبق له مثيل.

لولا التفاتات عاجزة من صوبِ باريس بين حين وآخر، لما بقي أمل في أن يبقى فينا عرقٌ ينبض.

معزولون نحن ومنسيون بفقرنا وأمراضنا وعاهاتنا ومصائبنا ولا نلقى رعاية أكثر من رعايا حديقة حيوان مصاب بجنون، يحرص الجميع على حصره وألّا يشكل خطراً عليهم.

تقول “لبناني” فيشفق العالم عليك أو يزدريك.

شعب ذكي جداً لكنهّ فقد القدرة على التأقلم مع الواقع والحاضر والمستقبل. كل محاولات الدول والشعوب لمساعدته ثبت على مدار عقود أنّها تذهب هباء.

أكثر عامل أوصل اللبنانيين إلى هذه الحال هو الخوف.

ما عاد أحد يريد تكرار تجربة آلة القتل والتدمير التي استخدمها مَن استتبت لهم السيطرة بإرهاب الأحرار والمثقفين وما تبقى من نخب في البلد المنكوب بقادة يصرفون همهم ووقتهم في حسابات ربح وخسارة.

حسابات شخصية صغيرة أو للجماعة التي يعتبرون أنّهم يسعون إلى مصلحتها. والحال إنّ نجاة جزء من الشعب اللبناني بنفسه من دون الآخرين هي فكرة أبعد ما تكون عن الواقع.

محكومون نحن بالهبوط إلى عمق جهنم معاً أو الخروج منها معاً.


معزولون نحن ومنسيون بفقرنا وأمراضنا وعاهاتنا ومصائبنا ولا نلقى رعاية أكثر من رعايا حديقة حيوان مصاب بجنون، يحرص الجميع على حصره وألّا يشكل خطراً عليهم


المسألة مسألة حياة أو موت. وساعة الحقيقة تدقّ.

على كل لبناني ومقيم على أرض لبنان ويعتبر نفسه لبنانياً كأهلها أن يسأل نفسه: هل سنستطيع الاستمرار في الحياة على هذا المنوال من الإنعزال عن العرب والغرب؟ هل سننجو من الموت إذا واصلنا الرضوخ لإرادة قوة مسلحة غريبة العقيدة والإنتماء والتجهيز والعتاد، وجاهزة للقتل إذا اقتضى الأمر؟ هل سيبقى شيء من لبنان الذي أحببناه جميعاً وتعلقنا به كلُّ على طريقته وانطلاقاً من ثقافته إذا تابعنا مسارنا ونحن نتخانق في اتجاه الجحيم؟

الجواب كلا. لن يبقى منّا مَن يخبّر إذا أكملنا السيرعلى هذا الطريق. مُسلمين ومسيحيين ودروز، مؤمنين وملحدين، نساء ورجالاً، كباراً وصغاراً، حاملين هُوية أو بلا هُوية.

وحتى مَن يُوالون القوة المسلحة الغريبة العقيدة والتجهيز، خاطفي المركب سوف يغرقون عندما يغرق مع سائر الركاب.

سيزول لبنان في مشهد “أبوكاليبتي”، وإن بقي اسمه على الخريطة مع آثار دولة كانت في ما مضى على ركام حضارة بائدة.

دولة  تتنقل فيها كائنات جائعة وشلل عصابات تبحث عن قوتِها. الصومال ؟ أبشع من الصومال. ولن يتحرك أحد لنجدتنا بعدما خرجنا من العالم.


هل سننجو من الموت إذا واصلنا الرضوخ لإرادة قوة مسلحة غريبة العقيدة والإنتماء والتجهيز والعتاد، وجاهزة للقتل إذا اقتضى الأمر؟ هل سيبقى شيء من لبنان الذي أحببناه جميعاً وتعلقنا به؟


ولكن مهلاً. هل فكرنا مليّاً بخيارات بديلة؟ هل بقي فينا شيء من جرأة لنقف ونعلن أننا جزءٌ لا يتجزأ  من العالم العربي ومن العالم الغربي على السواء.

ولن نخرج من جلودنا.

وأن قوة مسلحة غريبة العقيدة والتجهيز تشكل فرقة في جيش امبراطورية بعيدة تحتل بلادنا، ونحن سنواجهها بالكلمة والصوت والساحات، سلمياً ومن أجل سلام العرب وسلام العالم.

ولبنان لا يستطيع أن يكون سنداً ومخزناً وثكنة ولا مقراً أو ممرّاً للإرهاب نحو أشقائه العرب والعالم.

الشارع مشتّت وضائع بلا قيادة ولا يمكنه الإنضواء إلى هذه المواجهة؟

ليس لقادة الأحزاب الذين يلتقون على هذه الرؤية عذرٌ في أوهامهم وحساباتهم وخصوماتهم.

من أقصى اليأس يولد الأمل.

ولا عذر لقادة الرأي والأحزاب التي تُبدي تعلقها بسيادة لبنان في عدم الاجتماع وإطلاق جبهة وطنية تعلن حركة معارضة سلمية في الداخل والخارج تقول هذا موقفنا ونحن جزء منكم ومن المواجهة ضد الإرهاب.

ومعكم ومن دونكم سنخوضها من أجل فرض انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة والانضمام إلى العرب في ما يذهبون إليه.

ففي كل الأحوال ما يعيشه لبنان هو الموت.

وإذا تلكأ السادة المذكورون فلتنطلق الدعوة من مراجع أخرى، لا سيما بكركي، وكل القوى اللبنانية الحيّة والحرة سوف تلتف حولها كما حصل سابقاً.

ما معنى الدعوة إلى الحياد التي صدرت عنها عندما ينعدم السلام، ومعه الحرية وإمكانية الاستمرار على قيد الحياة؟

المصدر أساس