يدرك جبران باسيل أنه كمُنتَج سياسي ومرشح لرئاسة الجمهورية، بات منتهي الصلاحية مسيحيًّا ووطنيًّا.
طوال ممارسته للسياسة، كان فنّانًا في الاستفزاز وصناعة الكارهين من حوله داخل العائلة.
وعن ذلك، اسألوا شامل روكز وزوجته كلودين. وداخل التيار، والحكايا كثيرة من زياد عبسي وصولًا إلى أنطوان نصر الله وما بينهما الكثير الكثير.
وفي أرجاء الوطن، من عاليه في جبل لبنان وصولًا إلى معرض طرابلس في ذلك اليوم الخبيث.
هو كفيل بتصريحٍ واحد أن يستفزّ شعبًا بأكمله.
متمكّن من كلّ مفردات الكراهية، ونبش القبور، والذهاب بالجميع إلى حافّة الصدام والتصادم المَقيت.
إدراك باسيل لواقع انتهاء صلاحيته، حوّله إلى الممارسة الثأرية الانتقاميّة، وكأنه بطل في فيلم هندي اسمه “المنتقم الرعديد”.
يرفض الموت السياسي منفردًا، ويأبى أن يذهب إلى النهاية إلا متأبطًّا ذراع العهد، وتاريخ عمّه ميشال عون بما له وعليه.
ولا يكتفي، بل هو مصرّ على الإمساك بيد حلفائه من كنيسة مار مخايل عند أبواب الضاحية الجنوبية، وصولًا إلى سوريا في قصر المهاجرين.
ألم يقل له الزعيم وليد جنبلاط مؤخرًا إنْ أراد الانتحار أن ينتحر منفردًا من دون الوطن والمواطنين.
الرجل الشرّير كما وصفه يومًا كبير من الإعلاميين، يضع نهايته مقابل نهاية سعد الحريري.
فإمّا سويًّا في السلطة، وإما معًا خارجها إلى غياهب التاريخ.
يتسلح جبران بكتاب مذكرات من المحاضر، عن الممارسات خلال التسوية الرئاسية، يتقاسمها مع سعد بإنصاف وعدالة.
إن أردنا إنصافه، جبران يشعر بظلامة كبيرة متسائلًا: لِمَ وحدي أدفع الاثمان؟ ألم يكن سعد صديقي شاهداً على كلّ ما أرتكبتُ وفي كلّ ما صرّحتُ به؟ ألم يعطِني ما طلبت، وأعطيته ما طلب.
يستنجد باسيل بشعار ثورة 17 تشرين “كلن يعني كلن. وأنا وسعد سويًّا منهم”.
ينام قلقًا ويستيقظ على قلق أكبر.
ما صنعه بسرعة الصاروخ يسقط بسرعة برميل متفجر جُهّز بنيترات الأمونيوم، من العنبر 12 في مرفأ بيروت الحزين. يتزايد قلق باسيل مع تزايد شعوره أنه وحيدًا سيسدّد الفواتير عن الجميع.
محظوظ الرئيس سعد الحريري كون خصمه جبران باسيل.
الخصومة مع صهر العهد تسمح لسيّد بيت الوسط بحشد المؤيدين خلفه، وتُلزم خصومه والمعترضين بالصمت الكبير.
لا أحد منهم رغم كلّ ملاحظاته على المسيرة، وسوء التدبير، مستعدٌ أن يكون في مواجهة، فمهما كانت الخلافات لا توصل إلى الوقوف مع الحريري،جانب جبران باسيل.
الجميع يتحدّث عن عِناد الصهر.
إنه لا يكلّ ولا يملّ حتى تحقيق ما يريد.
هنا القلق الكبير يساور الوطن والمواطنين أن يدفعنا معه، وأن يدفع الوطن إلى المصير المميت.