بدأت فرنسا في إعادة تقييم مبادرتها اللبنانية. المبادرة فشلت، لكن باريس حريصة على استمرارها في القيام بأي دور مستقبلي في لبنان، لما له من أهمية وجدانية، ثقافية وسياسية واقتصادية في فرنسا.
في انتظار غودو
ويستمر الجمود في لبنان نظرياً، على إيقاع انتظار وترقب ما قد تحمله التطورات. وهناك قناعة بأن البلد لن يرتاح في ظل ما يجري إقليمياً ودولياً.
ولن يرتاح إلا بعد خيارات وإجراءات جذرية تغير وجة لبنان السياسي.
يستمر الانتظار. والسجال بين رفع الدعم وعدمه يستمر بدوره. ولا يبدو أن رفعه متاح بسهولة. لذا تستمر عملية إطالة أمده، في انتظار معجزة من الخارج.
وتستمر داخلياً مواقف القوى السياسية على حالها: رئيس الجمهورية على موقفه غير القابل للتنازل أو التراجع.
سعد الحريري يبحث في خيارات متعددة، منها إبقاء خيار الاعتذار قائماً أو وارداً.
الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط مع إنجاز التسوية. حزب الله يتجنّب الخيار الحاسم بين الحريري من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى. والبطريرك الماروني بشارة الراعي يفكر في جولة على عدد من الدول العربية.
فرنسا والسّنّة
في وجه من عملية إعادة التقييم الفرنسية، دراسة احتمال لجوء الحريري إلى الاعتذار، علماً أنه جمّده وأحجم عنه حالياً.
لكن مصادر قريبة منه تعتبر أن الأسبوع المقبل، وتحديداً ما بعد عيد الفطر، سيكون حاسماً وفاصلاً، ولا بد من اتخاذ قرار أساسي ومفصلي.
ويعني الاستشعار الفرنسي “أن اعتذار الحريري يؤدي إلى الفوضى، وليس إلى استشارات وإنجاح المبادرة”.
ويشعر الفرنسيون بفشل زيارة لودريان، وبأن النفوذ الفرنسي في لبنان يكاد ينتهي.
لذا سُرِّب خبر احتمال الدعوة إلى عقد مؤتمر للمسؤولين اللبنانيين في باريس، ليظل احتمال الوصول إلى حلّ ممكنا.
والهدف من تسريب الخبر هو جس نبض استعداد القوى السياسية لتلبية مثل هذه الدعوة، في أعقاب استمرار الحريري بالتلويح بلجوئه إلى خطوة معينة بعد عيد الفطر.
وبعد الكلام الكثير على نهاية المبادرة الفرنسية، يُعاد تقييم نتائج زيارة لودريان في “الكي دورسيه”.
وذلك في إطار ما يُقال عن تضرر علاقة فرنسا بالسنّة، وعن أن عون فتح معركة مع السنّة، وعن برودة اللقاء بين الحريري ولودريان.
إضافة إلى الأزمة التي تعيشها فرنسا مع “الإسلام”.
وهذا يجعل الحريري محاطاً بدعم القوى السنية، التي اعتبرت أن تصرف لودريان في زيارته الأخيرة أهان هذا المكون: زار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، فيما استدعى الرئيس المكلف إلى السفارة.
وإذا أعلن الحريري رفضه الاستمرار في مهمة تشكيل الحكومة، تتعمق الأزمة وتشتد: على صعيد الاستشارات، والشخصية التي يمكن تكليفها، خصوصاً إذا ما حاول رئيس الجمهورية معتبراً أن موقفه مستند إلى المبادرة الفرنسية.
وهذا يعمّق الأزمة أكثر مع السنة.